يعتبر المؤرخون اكتشاف كولمبوس لأمريكا في سنة 1492م واكتشاف فاسكوديجاما لطريق الهند البحري سنة1497م من أعظم الانجازات في تاريخ الانسانية ولكن هناك أسرار كثيرة وأقوال حول هذان الاكتشافان من أرض الاندلس التي كانت مهد الإسلام والبحرية الإسلامية وبعد سقوط الدولة الاسلامية مباشرة والتي سقطت سنة1492م .
ومعروف أن المخطوطات العربية في الأندلس والتي تعد بالملايين قد سقطت في أيدي الاسبان .. فمنها ما أحرق ومنها ما نهب ومنها ما لم يظهر إلا في عصرنا الحاضر في مكتبة الاسكوريال في مدريد .
وهذه هي نبذه لما كان يعرفه المسلمون وما جاء في مخطوطاتهم العلمية من إشارات إلى هذه القضية :
أولا : اكتشاف أمريكا
فمنذ أعلن المسلمون أن الأرض كروية وأثبتوا ذلك بالبراهين العلمية والفلكية والحسابية ابتدأت الاشارات في كتبهم أنه لا بد من وجود جزر معمورة في الوجه الآخر من الكرة الأرضية لم تستكشف بعد . وقد بنيت هذه النظرية على أنه ليس من المعقول أن يكون أحد سطحي الكرة كله أرض جبلية بينما الجانب الآخر كله ماء . فإن هذا لا يؤدي إلى توازنها وانتظام دورانها . وقد كان البيروني أو من أشار إلى هذه الحقيقة وبشر به في كتبه.
كما أشار إليها العالم الجغرافي الأندلس ابن رشد Aviros . وبناء على هذه النظرية ابتدأت مغامرات الكشف الجغرافي التي جاء ذكرها في مخطوطات كبار الجغرافيين المسلمين ” المسعودي ” في كتابه ” مروج الذهب ” والإدريسي في كتابه ” نزهة المشتاق ” والوردي في جغرافيته والصفتي ومحي الدين بن العربي وابن الزيات .
وأول اشارة تقول أن بحاراً عربياً أندلسياً اسمه”خشخاش البحري” قام بسفينته من لشبونة إلى الغرب في بحر الظلمات سنة 850م وأنه اكتشف في هذا البحر جزيرة مأهولة بالسكان أحضر معه الهدايا إلى حاكم الأندلس عبدالرحمن الثاني وقد كافأه الحاكم بتعيينه أميرا للبحرية الإسلامية وأن هذا الرجل استشهد في معركة بحرية مع قرصان (الفيكنج(
الإشارة الثانية تقول أن جماعة من عرب المغرب الإفريقي قد خرجوا إلى بحر الظلمات نحو هذه الجزيرة وكان ذلك في القرن العاشر الميلادي ولم يعد أحد منهم ولم يسمع عنهم أي خبر .
ثم يتلو ذلك قصة (الفتية المغررين) الذين تحدث عنهم المسعودي والادريسي . وتقول هذه القصة أن ثمانية من الشباب العرب في مدينة لشبونة من عائلة واحدة من البحارة … قرروا المغامرة (في بحر الظلمات) بحثا عن هذه الجزر التي هلك من سبقوهم دون خبر عنها .. وأن أهل المدينة اطلقوا عليهم لقب (الفتية المغررين) نسبة إلى (الغرة) أي (المقدمة) وليس المغرورين نسبة إلى (الغرور) كما جاء في بعض المراجع . فمن ذلك ما ذكره المسعودي في كتابه (مروج الذهب) عن أخبار (من خاطر بنفسه في ركوبه) أي المحيط الأطلسي ومن نجا منهم ومن تلف وما شاهدوا منه وما رأوا .
ومن ذلك أيضا وصف الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق)(23)إذ يقول عنهم أنهم ” وصلوا من لشبونة بعد اثنى عشر يوما إلى بحر غليظ الموج كدر الروائح كثير القروش قليل الضوء فايقنوا بالتلف . ثم فردوا قلاعهم في ناحية الجنوب اثنى عشر يوما أخرى فخرجوا إلى جزيرة الغنم وفيها من الغنم ما لا يأخذه عد ولا تحصيل وهي سارحة لا راعي لها ولا ناظر إليها . فقصدوا الجزيرة فنزلوا بها فوجدوا عين ماء جارية وعليها شجرة تين بري فأخذوا من تلك الغنم فذبحوها فوجدوا لحومها مرة لا يقدر أحد على أكلها ثم تستطرد الرواية فتصف من قابلوهم من سكان تلك البلاد ولغتهم وكانت المفاجأة أن جاءوا لهم برجل يعرف اللسان العربي. وقد حكى لهم قصته أنه من بقايا الفريق السابق من عرب المغرب الذين هلكوا جميعا في البحر وأنه الوحيد الذي نجا ووصل إلى الجزيرة وعاش فيها حتى ذلك الوقت .. وتقول رواية الإدريسي أن هؤلاء الفتية الثمانية عندما عادوا إلى الأندلس قد احتفى بهم أهل لشبونة واستقبلوهم بالزينات والأفراح وأطلقوا على الشارع الذي يسكنون فيه اسم (شارع الفتية المغررين) . كان ذلك في أواخر القرن العاشر الميلادي وقد ظل هذا الاسم مئات السنين في لشبونة من بعدهم .
كانت هذه صورة موجزة لما أورده جغرافيو الأندلس عن سبق العرب لاكتشاف أمريكا ويذكر العالم المؤرخ اللغوي الأب انستاس(24) الكرملي أن العرب قد وصلوا أمريكا من لشبونة قبل كولمبوس بفضل معرفتهم لتيار الخليج الحار في الأطلسي فيقول ” سبق العرب سائر الأمم إلى معرفة هذا التيار وخواصه وإلى حركته من المكسيك إلى ارلندا وبالعكس فكانوا يركبونه . فإن ظعنوا إلى أنحاء المكسيك مكث بعضهم فيها وعاد القليلون منهم إلى بلادهم راكبين متن ذلك التيار المبارك ونعرف أنهم أقاموا في الديار التي عرفت بعد ذلك بالمكسيك من دخول بعض الكلمات العربية في لغة تلك البلاد (ومن تلك الكلمات Mansoon أصلها الموسمية وكلمة Typhoon أصلها الطوفان ) .
إشارة الأخيرة تأتي من أقوال كولمبس وبحارته والتي يذكرون فيها أنه كان يعتقد أول الأمر أن الهنود الحمر الذين رآهم في تلك الجزر لا بد أن يكونوا من سلالة العرب الذين سبقوه كما قرأ في المخطوطات العربية وقد قامت (الجمعية الجغرافية البريطانية) بانتاج مسلمسل تليفزيوني وثائقي بعنوان (المكتشفون) وفيه حلقة مستقلة عن كولمبوس واكتشافاته. وهي تبين أن كولمبوس قد اختار أحد رجاله الذين يعرفون اللغة العربية (وهو مـن أصل عربي) وبعث معه برسالة إلى ملك الهنود الحمر كتبت باللغة العربية يقول فيها : ” يا صاحب الجلالة .. إن الملكة ايزابيلا ملكة اسبانيا وقشتالة تهديك السلام وتطمع أن يكون بينها وبين بلادك علاقات صداقة .. الخ ” ” ويقول المعلق أن الذي دعا كولمبوس إلى هذا الظن أيضا أنه سمع بعض الكلمات العربية المحرفة . ولكن الترجمان فوجئ بعد أن أخذ في تلاوة هذه الرسالة باللغة العربية على الملك بأن هؤلاء الهنود الحمر ليسوا من أصل عربي ولا يعرفون اللغة العربية .
ويذكر المؤرخ الجغرافي المغربي المعاصر(25)عبدالعزيز بن عبدالله صاحب الموسوعة الغربية للإعلام الحضاري البشري ” أن كولمبوس قد عاد من أمريكا بذهب مخلوط بالنحاس بنفس الطريقة والنسبة التي يحضر بها العرب الذهب وأنه عثر هناك على عملات ذهبية اسلامية عليها نقوش عربية ” .
5. أول خريطة لأمريكا كانت إسلامية
من عجائب الصدف أن تكون أول خرائط عرفتها الدنيا لأمريكا إسلامية وليست إسبانية ولا برتغالية …
فالخريطة الأولى اكتشفت سنة 1952 في مكتبة الاسكوريال بمدريد … وهي من صنع الجغرافي الإسلامي ابن الزيات المتوفى سنة 1198م وفيها رسم لمنطقة بحر الظلمات (أي المحيط الأطلسي) ويشمل رسم الجزر المأهولة وهي أمريكا وقد اكتشف الخريطة وحققها الدكتور (خوان فرتيط) الأستاذ بجامعة برشلونة .
الخريطة الثانية : اكتشفها المستشرق الألماني(26)Kahle عندما عثر عليها في مكتبة (توب كابي سراي) باستنبول ونشرها على العالم سنة 1929م بعد تحقيق علمي دولي استمر عدة سنوات .. فقد أذهلت هذه الخريطة العالم كله وحيرت العلماء . الخريطة من تأليف جغرافي تركي مسلم هو (بيري ريس) واسمه الكامل (محي الدين ابن محمد الريس) المتوفى سنة 1513م وكان أحد قادة البحرية في الاسطول التركي الذي كان سيد البحار . وهي في الواقع أكثر من خريطة مفردة .
والخريطة تبين المحيط الأطلسي : في الشرق يرى اسبانيا والساحل الإفريقي وفي الغرب القارة الأمريكية بسواحلها وجزرها وموانيها وحيواناتها وسكانها الهنود الحمر الذين يرسمهم عراة وهو يرعون الغنم .
ويذكر المستشرق (كراتشوفسكي) في كتابه (تاريخ الأدب الجغرافي العربي)(27)تعليلا لهذه الخريطة أنها ولا بد وأن يكون الريس قد بناها على أساس خرائط كولمبو التي ربما تكون سقطت في يده عندما انتصر الأسطول التركي على أسطول البندقية سنة 1499م وأسر بعض سفنه .. إلا أن هذا الرأي يلقي معارضة من كثير من الباحثين لأن الخريطة فيها تفاصيل لأماكن لم يعرفها كولمبوس ولم يكن استكشفها ولكن هؤلاء الباحثين لم يقدموا تعليلا بديلا يكسف سر هذه الخريطة الغامضة .
وهناك تفسير آخر لهذه الخريطة : أن الريس قد نقلها عن أبو عبدالله والذي كان آخر حكام العرب في الأندلس وعندما هزمته ايزابيلا ابقته في خدمتها ثم أمرته بقيادة حملة بحرية إلى أمريكا لاعتقال كولمبوس وإرجاعه إلى اسبانيا مقيدا بالسلاسل وبذلك يكون أبو عبدالله العربي أول من وصل إلى أمريكا بعد كولمبوس مباشرة ولا بد أنه قد عاد من هناك بخرائطه الخاصة . وغير بعيد أن يكون الريس قد ذهب إلى أمريكا بنفسه مع أبي عبدالله والمعروف أنهما كان صديقين وأن السلطان التركي كان قد أرسل الريس لمعاونة أبي عبدالله في حربه ضد ايزابيلا سنة 1490م قبل سقوط عرشه .
ثانيا : المسلمون واكتشاف القارة السادسة في القطب الجنوبي
إن إعجاب ما في خرائط (بيري ريس) أنها عادت لتشغل العلماء بعد عصر رحلات الفضاء وتصوير الأرض من الأقمار الصناعية .
لقد كان الاعتقاد الأول لدى علماء الخرائط في أمريكا وأوروبا في القرن العشرين أن الخرائط غير دقيقة وبها أخطاء في الرسم حسب أحدث معلوماتهم عن الشاطئ الأمريكي ولكنهم فوجئوا بعد ظهور أول صورة مأخوذة من القمر الصناعي لهذه المناطق أن خرائط محي الدين الريس أدق من كل ما عرفوه وتصوروه وأنها تطابق تماما صور القمر الصناعي وأن معلوماتهم هي التي كانت خاطئة .
وعلى أثر ذلك عكف فريق من العلماء في وكالة الفضاء الأمريكية على إعادة دراسة الخرائط مقطعا بعد تكبيرها عدة مرات ، فكانت المفاجأة الثانية .. وهي أن الريس قد وضع في خرائطه القارة السادسة في القطب الجنوبي والمسماة Antartica قبل اكتشافها بأكثر من قرنين .. كما أنه وصف جبالها ووديانها التي لم تكتشف حتى سنة 1952م .
ونظراً لخطورة هذه المعلومات فقد رأيت أن أورد هنا الترجمة الحرفية لما جاء في التقرير حسب ما نشر في كتاب عن (مراكب الفضاء) بعنوان Chariots of the gods? لمؤلفه إريك فون دانيكن Erich-Von Danikin وهو كتاب بلغت عدد المبيعات منه باللغة الانجليزية وحدها أكثر من مليون نسخة وترجم إلى جميع اللغات الحية .. ويبحث في الظاهر الخارقة للطبيعة والتي ليس لها تفسير فيقول ص29 : ” لقد سلمت خرائط بيري ريس أول الأمر إلى الدكتور ماليري آرلنجتون استاذ الخرائط الجغرافية في الجامعات الأمريكية الذي قرر بعد فحص دقيق أنها تحتوي على كل الحقائق الجغرافية حول أمريكا ولكن هناك خطأ أو عدم دقة في بعض الأماكن … وقد طلب الدكتور ماليري الاستعانة بجغرافيي الأسطول الأمريكي الذين نقلوا الخريطة من المسطح على كرة حديثة فظهر لهم اكتشاف خطير وهو أن الخرائط كانت دقيقة حدود القارات ولكنها تبين طوبوغرافيتها الداخلية . فتظهر فيها الجبال والأنهار والسهول بدقة متناهية وكأنما أخذت من الفضاء الخارجي .
وفي سنة 1957 وهي السنة الجغرافية الدولية عكف فريق من علماء الجغرافيا بالمراصد الكبرى والبحرية الأمريكة على مزيد من دراسة خرائط الريس .. وبعد دراسات على أجهزة متطورة وجدوا أن صورة عن القارة السادسة Antartica صحيحة ودقيقة بدرجة مذهلة (Fantastically Accurate) حتى بالنسبة للمناطق التي لم تستكمل اكتشافها في عصرنا الحاضر .. فالجبال على قارة القطب الجنوبي لم تستكشف حتى عام 1952 .. فهي دائما مغطاة بطبقة سميكة من الثلوج بحيث أن اكتشاف وجودها على خرائطنا الحديثة كان باستعمال أجهزة صدى الصوت Echo-Sounding apparatus .
ويذكر الكتاب بعد ذلك اهتمام وكالة الفضاء الأمريكية بمواصلة دراسة هذه الخرائط حيث اتضح أنها تشبه تماما الصور المأخوذة للكرة الأرضية من مركبة فضائية أثناء مرورها فوق منطقة القاهرة وهي صور تغطي مسافة 5000 ميل ( خمسة آلاف ميل ) فوجدوا تشابها مذهلا بين صور القمر الصناعي وبين خريطة بيري ريس .
دور المسلمين في اكتشاف أمريكا
مارس 24, 2009 في 12:41 م (1)
جريدة الرياض أول مسلم اكتشف أمريكا__ لم يأت من الصين
مارس 24, 2009 في 12:38 م (أقرؤا التاريخ فإن فيه العبر)
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
كان هناك خبر انتشر ونشر في المواقع والمنتديات وبعض الصحف تحت عنوان
مكتشف أمريكا صيني مسلم..
أكد جافين منزيس مؤلف كتاب “1421 العام الذي اكتشفت فيه الصين أمريكا” أن أميرالا صينيا مسلما اكتشف أمريكا قبل المستكشف الأوربي كريستوفر كولمبوس بسبعة عقود. وأوضح منزيس الأربعاء 4-5-2005 أن الأميرال الصيني رسم خرائط استخدمها كولمبوس للوصول إلى أمريكا في 1492 بينما كان يبحث عن طريق جديد للهند، مشيرا إلى أن المستكشف البرتغالي فردناند ماجلان أبحر أيضا بمساعدة الخرائط الصينية في القرن 16. وأمضى منزيس القائد السابق لإحدى الغواصات في البحرية البريطانية نحو 15 عاما يقوم بأبحاث من أجل الكتاب الذي أثار جدلا واسعا بين المؤرخين.
المصدر:
islamonline.net
فأورد محرر الجريدة تحقيق أخر حول الموضوع وكان تحت العنوان الأتي
حول العالم
أول مسلم اكتشف أمريكا.. لم يأت من الصين
فهد عامر الأحمدي
خلال الأسبوع الماضي – وفي أكثر من صحيفة وموقع – قرأت خبراً عن بحار صيني مسلم اكتشف امريكا قبل كولومبس بوقت طويل. وهذه الفرضية خرج بها ضابط في البحرية البريطانية يدعى منزيس قادته أبحاثه الى أدميرال صيني مسلم اكتشف أمريكا عام 1421. وكان هذا البحار الصيني (ويدعى تشينغ هي) قد أبحر برفقة 300 سفينة تحمل 30 ألف رجل في القرن الخامس عشر لتوسيع نفوذ أسرة مينج الحاكمة.. وفي النهاية وصل إلى أمريكا وأنشأ مستوطنة صغيرة فيها قبل عودته الى الصين مجدداً. وخلال رحلته رسم خرائط بحرية مهمة استفاد منها كولومبس بعد ثمانين عاماً أثناء رحلته الشهيرة لاكتشاف أمريكا (…..)!!
هذا الخبر لم يثر اهتمامي في البداية لولا أن وسائل الإعلام (العربية والعالمية) تحدثت عنه وكأنه اكتشاف جديد تماماً.. ولكن الحقيقة هي أنني اشتريت (قبل ثلاث سنوات) كتاباً من موقع Amazon لنفس المؤلف يتحدث عن نفس الاكتشاف (وعنوانه: 1421 العام الذي اكتشفت فيه الصين أمريكا)..
اما السبب الحقيقي للضجة التي أثيرت مؤخراً حول هذا الموضوع؛ فيعود إلى أن سنغافورة (التي يغلب عليها العرق الصيني) تنظم هذه الأيام معرضاً مهيباً يجسد المعلومات الواردة في الكتاب ويروج للجهود الصينية في هذا المجال!!
– أضف لهذا أن الأدميرال نفسه (تشينغ هي) لم يكن أول بحار مسلم يكتشف أمريكا قبل كولومبس!!
.. ففي الجزء الأول من كتاب «حول العالم» أوردت أدلة كثيرة تثبت هذه الحقيقة – من ضمنها أن كولومبس استعان في رحلته الشهيرة بمرشدين مسلمين مغاربة (زاروا أمريكا من قبل)، وأن المكتشف الاسباني فراماركوس دينيز استعان بمرشد مغربي اسمه «إسطفان» قتله الهنود الحمر عام 1539 في نيومكسيكو!!
.. وقبل تعاونه مع دينيز كان العربي إسطفان (وهو من قرية أزمور المجاورة للدار البيضاء) قد استكشف مع ثلاثة عرب ولاية فلوريدا لصالح حملة بانفيلودي نارفيز ثم استوطن أريزونا وكان ضمن أول ثلاثة أفراد عبروا القارة الأمريكية…
.. أما اذا عدنا الى ما قبل الحملات الاسبانية فنجد ان المسعودي وأبي حامد الغرناطي قد تحدثوا عن ثمانية عرب أبحروا الى أراض جديدة خلف (بحر الظلمات) وعاشوا فيها فترة قبل ان يعودوا إلى المغرب في القرن التاسع الميلادي. وقد وردت سيرة هؤلاء المغامرين – وهم أبناء عمومة – في تحقيقات المؤرخ كراتشكوفسكي، وتم التحقق منها عام 1952 في قسم الجغرافيا في جامعة ويتواتر البرازيلية.
وفي كتاب (أحوال التربية الإسلامية في أمريكا) ذكر الدكتور كمال النمر ان بعض البحارة المسلمين انطلقوا من الاندلس (عام 1150م) واستقروا على شواطئ ما يعرف الآن ب «البرازيل».. كما وجدت في اسبانيا تقارير تعود لعام 1790 عن مغاربة مسلمين هاجروا من اسبانيا – زمن الاضطهاد – واستوطنوا جنوب كاليفورنيا وفلوريدا. وحتى اليوم توجد في مكتبة قصر الاسكوريال في اسبانيا خريطة رسمها الجغرافي العربي ابن الزيات تظهر السواحل الشرقية للأمريكتين كدليل على اكتشاف المسلمين للأراضي الجديدة قبل كولومبس بعدة قرون. أضف لهذا ان القبطان التركي «حاجي احمد» (او بيري الريس كما يدعى في الغرب) رسم عام 1513 خريطة مذهلة لسواحل الامريكتين في الوقت الذي كان كولومبوس يعتقد انه اكتشف الهند! .. وأخيراً يوجد في متحف تايوان (التي يغلب عليها كسنغافورة العرق الصيني) مخطوطة تدعى «وثيقة سنج» قدمت عام 1178م الى امبراطور الصين جاء فيها ان البحارة العرب اكتشفوا اراضي جديدة تدعى مولان بي (امريكا حالياً).. وانا شخصياً لا استبعد اطلاع الأدميرال (تشينغ هي) على هذه الوثيقة والاستفادة منها لاحقاً في رحلته – التي تحدثنا عنها في بداية المقال – عام 1421!!
جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2005/05/15/article64465.html
قبيلة من الهنود الحمر تتكلم العربية
مارس 24, 2009 في 12:35 م (أقرؤا التاريخ فإن فيه العبر)
حفلت عدد من المؤلفات الغربية التي وثّقت لتاريخ اكتشاف القارة الأمريكية بالحديث عن الكنعاني التاريخي البغيض في شكل الوحش الهندي الممسوخ ، وهي الصورة التي لا يزال يعتبرها البعض تخيّلية لا معنى لها.
ومع ازدياد هجرة الإنجليز إلى العالم الجديد ظهرت أبشع صور الإبادة في التاريخ البشري ، وعلى الفور أصبحت متلازمة الإبادة الجماعية في ذلك التاريخ مرتبطة بالهنود الحمر .. تلك الأمة المسالمة التي عمرت هذه القارة قروناً طويلة قبل رسو السفن الإنجليزية على الساحل .
وعلى ضراوة تلك المذابح وبشاعتها إلا أن القديسين الإنجليز كانوا فيها أشد ضراوة من المستعمرين الأسبان ؛ فقد حرضوا الجنود على قتل الرجال والنساء والقضاء على الأطفال وكبار السن والعجزة والمرضى ، وأضفوا على هذه المذابح لباسها الديني ، إضافة للهدف الاستعماري الذي جاء من أجله الأسبان .
لقد كان من الشروط الأولية اللازمة لتلك الإبادة الجماعية التي ارتكبها الأسبان والأنكلو – أمريكان : التأكيد على عدم إنسانية ذلك الشعب ، وأن أفراده شياطين ووحوش لا يستحقون الحياة .
ظهرت تلك الصور الحاقدة في كتابات الكثير من العنصريين الأسبان ؛ أمثال : ( غونزالو فرنانديس) و ( فرانسيسكو لوبيز ) والعديد من رجال الدين الإنجليز ..
لم أكن لأتوقف كثيراً لتحليل تفاصيل أدق لذلك التاريخ المشوه ، أو مطالعة المؤلفات التي تحدثت عن تلك الأمة الغامضة ( الهنود الحمر ) التي أبيدت بكاملها بعيدا عن تصوير الإعلام والتاريخ المشوه الذي نقلته أفلام رعاة البقر( cow )التي أظهرت قبائل هذا الشعب بجماعة من المعتدين ، وصورتهم بصورة الوثنين والمتوحشين والهمجيين والبدائيين ، على الرغم من شهادة الجنود أنفسهم – الذين شاركوا في تلك الإبادة الجائرة – بعراقة أفراد ذلك الشعب وأصالتهم ومسالمتهم ، وحسن أخلاقهم ، وترحيبهم الحار بالمهاجرين الإنجليز ، وتوطينهم بجوارهم ، ومشاركتهم لهم في المرعى والصيد والسكن الذي كانت تنعم به قبائلهم وحدها منذ استيطانها تلك البراري الشاسعة قبل ما يزيد عن سبعة قرون من مقدم البحار الايطالي كريستوفو كولمبوس عام 1492م ، وقبل قيام طلائع المستوطنين البريطانيين عام 1607م ببناء أول مستوطنة أطلق عليها اسم ( جيمس تاون ) .. تيمناً باسم الملك البريطاني جيمس الأول الذي منحهم إجازة إنشائها في العالم الجديد .
غير أن ما أثار اهتمامي حقاً وجعلني أفتح ملفات أخرى عن تلك الأمة الغامضة أن طبيعة المذابح البشعة التي مورست ضد هذا الشعب ووسائلها كانت مقاربة إلى حد كبير لتلك التي مورست ضد المسلمين إبان ظهور محاكم التفتيش الأسبانية بعد سقوط غرناطة – آخر معاقل المسلمين في الأندلس عام 1492م – وأن العام الذي سقطت فيه غرناطة هو العام نفسه الذي أبحر فيه كولمبس باتجاه الغرب باحثاً عن شيء ما !!.
ولقد كنت أتساءل عن سر تلك المظاهر الاجتماعية التي أصبحت شعاراً لعدد من أفراد قبائل الهنود الحمر ، وظهرت في الصور والرسوم المنقولة عنهم ، وبخاصة رفع أيديهم إلى السماء لاستنـزال المطر ، أو توجيه خيامهم باتجاه المشرق دون غيره من الجهات ، وارتداء بعضهم العمامة ، وكذا عن لباس المرأة هناك المشابه للحجاب الذي تلبسه المرأة المسلمة في بعض أقطار المغرب العربي ، والتقارب الكبير معهم في العديد من المظاهر الأخرى .
ومثلما تصاب بالصدمة إثر اكتشاف حقيقة غامضة كنت تبحث عنها ، سوف تعجب حقاً من هوية ذلك الشعب إذا علمت أن اسم واحدة من أكبر قبائلهم التي استوطنت الولايات الشمالية الغربية لأمريكا هو ( مكة ) ، وأن أكثر من 75 مدينة وقرية في مختلف أنحاء أمريكا يعتقد أنها سميت بـ ( مكة ) من قِبل الهنود الحمر !! وهو ما دعى بعض الباحثين من أمثال ( د. يوسف مروة ) و ( د. فيل باري ) الأستاذ بجامعة هارفارد الأمريكية إلى اعتقاد أن سبب تنافس تلك القبائل على تسمية مناطقها باسم ( مكة ) ، إضافة إلى تسمية العديد من مدنها وقراها وجبالها بأسماء أخرى مثل مدينة ( عرفة ) هو أحد الأدلة القاطعة على أصولهم الإسلامية التي جاءوا منها ، وعلى معرفة أجدادهم بالإسلام ، واشتياقهم لرؤية الأراضي المقدسة ، وزيارة مكة لأداء مناسك الحج .
ولأنه لم يحفل طريق من الطرق إلى حاضرة من حواضر العالم القديم والحديث بالمسافرين والمشتاقين والمحبين كما حفل به الطريق إلى مكة ، فإن هذا الطريق في المقابل لم يحفل – مع كل أسف – بأي من الدراسات التاريخية العلمية التي تليق بمكانته .
سوف تظل تلك الحفريات والمخطوطات والنقوش النادرة في سهول أمريكا ومرتفعاتها الوعرة التي يتجلى فيها ( الشوق إلى مكة ) والرغبة في أداء مناسك الحج والوقوف بتلك المشاعر المقدسة مفتاحاً لتفسير تاريخ الكثير من الأمم أو القبائل المسلمة التي بادت – أو أبيدت – ، ولا نعلم عنها إلا القليل ، بعيداً عن التشويه الذي طمس تاريخها ؛ ومما يجلّي معالم التاريخ هناك تلك الحقائق والمشاهدات والأحافير التي تم اكتشافها .
نشرت جريدة الهدى العربية التي كانت تصدر في نيويورك أن تجاراً متجولين من الأتراك عثروا في منطقة ( سيمو جوفل)simojovel de Allende الجبلية بالمكسيك على قبيلة تتكلم العربية وتقطن منطقة جبلية منيعة .
كانت تلك القبيلة ما تزال تعيش في عزلة عن العالم ، ولم تتصل بمن حولها ، وظلت محافظة على عاداتها العربية والإسلامية ، وقال أفرادها لأولئك التجار إنهم يقطنون تلك الديار منذ مئات السنين ، وأنهم لا يشتاقون إلى شيء شوقهم إلى زيارة مكة وأداء مناسك الحج ، وزيارة مدينة النبي صلى الله عليه وسلم .
وذكروا بأنهم لا يسمحون لأحد بدخول منطقتهم ، وأن لديهم أمولاً وتحفاً وآثاراً كثيرة يودون لو استطاعوا إيصالها إلى مكة المكرمة .
كما نقلت مجلة الشروق العربية الصادرة في البرازيل تقرير أحد المسئولين البرازيليين الذي رفعه إلى حكومته ، وأشار فيه إلى وجود مسلمين برازيليين يقطنون مجاهل ولاية ( باهيا ) البرازيلية منذ زمن بعيد ، ويعرفون باسم (الوفائيين ) أو قبيلة الوفاء ، وأن عددهم كبير ، وأنهم يتزايدون بشكل مستمر ، وقد دخلوا إلى البرازيل منذ قرون عديدة ، وأن مزارعهم عامرة بمحاصيل الذرة الصفراء والقرع العسلي ، والفواكه التي تعرف باسم الجوافة والباباي والأناناس .. وغيرها من المحاصيل التي ربما جلبها التجار العرب معهم من ميناء الدار البيضاء في المغرب قبل عام 1100م .
ولا يزال علماء الآثار الأمريكيين في حيرة من تلك النقوش التي اكتشفت بأمريكا الشمالية وتحمل اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبعض آيات القرآن الكريم ، وأسماء مكة والمدينة ، والعديد من الأسماء العربية التي تعود إلى صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
لقد كان الطريق إلى مكة والشوق إلى المشاعر المقدسة حلقة الوصل الظاهرة التي جمعت طوائف المسلمين التي استوطنت تلك السهول والبراري الأمريكية الموحشة ، بعد أن نزح عدد من أجدادهم ( الموريسكيون ) من الأندلس خُفية على ظهور القوارب والسفن ، فراراً بأنفسهم وبدينهم من حملات الإبادة التي مورست ضد المسلمين هناك .. بينما جاء عدد آخر من أولئك الرواد تجاراً من جزيرة العرب وأفريقيا إبان ازدهار الملاحة في حاضرة الأندلس الإسلامي ، وانطلقوا محملين بالمحاصيل الزراعية والحيوانات والنقود غرباً .. باتجاه بحر الظلمات ، أو البحر المحيط الذي كان يطلق على المحيط الأطلسي آنذاك ، بعد أن ساد في الناس عدم وجود أرض مسكونة أو شواطئ كلما توغلت في أعماقه السحيقة التي تضربها الظلمة والأعاصير والأمواج العاتية المدمرة طوال العام .
لقد انقطعت أخبار أولئك المسافرين ، ولم يعودوا إلى أرض الوطن بعد رحيلهم ، حتى ظهرت تلك الآثار والدراسات عن قبائل الهنود الحمر ، التي تناولت ممارساتهم الاجتماعية وثقافاتهم وعاداتهم ، وتحدثت عن تظافر اكتشافات النقوش المكتوبة باللغة العربية في سهول تلك القارة وقمم جبالها الوعرة التي قطنوها طوال العقود الغابرة ، مما حدا بعالم الآثار المتخصص بتاريخ أمريكا لما قبل كولمبوس ( باري فل ) أن يصرّح قائلاً : إني لأتوق إلى اليوم الذي يتسلق فيه زملائي العرب جبال ( سييرا ) لزيارة الوهاد المعلّقة هناك ، حيث اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم واسماء مكة والمدينة تظهر بجلاء منحوتة في صخور أمريكية ، على أيدي بحارة اهتدوا إلى هناك منذ زمن بعيد.
*مدير تحرير مجلة مكة
المصدر : موقع التاريخ
هناك من الذين يرجحون الرأي القائل بأن المسلمين وصلوا إلى تلك البقاع قبل كولومبس منذ مئات السنين وهذا الأمر تؤيده الشواهد التاريخية والآثار والنقوش العربية والإسلامية الموجودة في مناطق من البرازيل والمكسيك، مما يؤكد على أن العرب والمسلمين وصلوا إلى تلك البقاع قبل كولومبس بعشرات وربما مئات السنين·· وإن كان المرجح أنهم سلكوا طريقاً غير الذي سلكه كولومبس، إذ كانت وجهتهم شرقاً عبر المحيط الهندي مرورا بجزر الهند الشرقية ومن ثم وعبر المحيط الهادي إلى الدنيا الجديدة· وحسب بعض المصادر التاريخية فقد سلك الرحالة العربي ماوي، الذي يعود موطنه الأصلي إلى ليبيا هذا الطريق ووصل إلى أمريكا الشمالية في العام 232 قبل الميلاد· ولعل ما يؤيد ذلك أنه وجدت في المكسيك نقوش تعود لذلك التاريخ 232 ق·م مكتوبة باللغة العربية·· ولعل هذا هو سبب وجود كلمات عربية في لغات الهنود الحمر·· كما حكى كولومبس نفسه في سجل يومياته أن بعض الهنود الحمر المكسيكيين كانوا يرتدون العمامة كنوع من الوجاهة ومعروف أن العمامة هي زي عربي إسلامي·· وسجل كولومبس أيضاً أنه وفي الطريق إلى العالم الجديد توقف في جزيرة يسكنها أقوام لهم أشكال غريبة، فرجالهم كانوا سمر البشرة سود العيون والشعر·· ونساؤهم كن يغطين رؤوسهن ووجوههن فلا يكاد يظهر منهن شيء·· وأنهن عموماً يشبهن وإلى حد كبير نساء الموريسكيين اللائي كان قد شاهدهن في إسبانيا قبيل مغادرته لها·
ولعل هذا الاعتراف الصريح يقف دليلاً على صحة رواية المؤرخ العربي المسلم العمري التي أشار فيها إلى أن أول مهاجر إفريقي مسلم عبر البحر المحيط ووصل إلى العالم الجديد هو منسا أبو بكر من مملكة مالي القديمة· ويؤكد العمري في كتابه أن منسا أبو بكر وصل إلى منطقة خليج المكسيك واستقر فيها عام 1312م، أي قبل وصول كولومبس إلى الأرض الجديدة بأكثر من 180 عاماً·· وقد حظيت هذه الفرضية باهتمام واسع من قبل الباحثين والمؤرخين وعلماء الأنثروبولوجي في مختلف أنحاء العالم·
ومن الذين تناولوا هذا الموضوع الباحث البريطاني باسيل دافيدسن، كما قدم الأستاذ الدكتور ليوفينر، المحاضر بجامعة هارفارد الأمريكية، دعماً غير مباشر لهذه الرواية حيث أشار إلى وجود تشابه عرقي ولغوي بين سكان ساحل إفريقيا الغربي وسكان أمريكا الأصليين من الهنود الحمر المقيمين في منطقة خليج المكسيك·· وعموما، فإن كتاب الدكتور فينر لم يجد الاهتمام الكافي إلى أن جاء باحث آخر هو الدكتور ايفان فان سرتيما من جامعة ريتيكرز بنيوجيرسي الذي أكد في أكثر من محفل أن هناك من وصل إلى أمريكا قبل كولومبس وذلك في إشارة واضحة إلى منسا أبو بكر· هذه الرواية وغيرها تؤكد على حقيقة أن المسلمين وصلوا إلى الدنيا الجديدة قبل كولومبس·
الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومب. للدكتور علي الكتاني
هذه محاضرة قيمة جدا، ألقاها الأستاذ الدكتور علي بن المنتصر الكتاني، في جمعية الشرفاء الكتانيين بالرباط سنة 1421-2000، حول الوجود الإسلامي في القارتين الأميركيتين قبل كريستوف كولومب بمئات السنين، وفضح كذبة ادعاء الأوروبيين اكتشافها. فرغتها من شريط صوتي، والآن أنزلها ليستفيد منها الجميع، مع تعليقات الدكاترة الحضور، والتي بها إثراء كبير للموضوع.
وقبل البداية في المحاضرة أنقل ترجمة لصاحب المحاضرة – والدنا رحمه الله تعالى – عن كتابي “منطق الأواني”، مع بعض الزيادات اقتضاها المقام:
علي بن المنتصر الكتاني
ومنهم: والدنا محمد علي بن محمد المنتصر بالله بن محمد الزمزمي بن محمد بن جعفر بن إدريس بن الطائع بن إدريس بن محمد الزمزمي بن محمد الفضيل بن العربي بن محمد بن علي الجامع: العلامة التقني المؤرخ، مقعد علم الطاقة الشمسية، ورائد علم الأقليات الإسلامية في العالم، الإمام المصلح المجدد، الموسوعة المتنقلة والأمة في رجل.
ولد في مدينة فاس بالمغرب بتاريخ فجر يوم السبت 6 رمضان عام 1360 الموافق27 /9/1941، تربى التربية الدينية على والده وفي الكتاب، ونال شهادتي البكالوريا بكلا اللغتين العربية والفرنسية من مدارس دمشق عام1379، وتحصل على دبلوم الهندسة الكهربائية من معهد البولي تكنيك بجامعة لوزان – سويسرا أوائل عام1383، ثم تابع دراسته في لوزان في الطاقة النووية لمدة ستة شهور، ودرّس فترة في المدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط – المغرب، وتحصل على شهادة الدكتوراه متخصصا في الطاقة من جامعة كارنيجي بمدينة بيتسبرغ – ولاية بنسلفانيا – الولايات المتحدة الأميركية عام 1385/ 1976 وهو لما يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، في موضوع: الذبذبات في مادة البلازما.
ثم التحق مدرسا في عدة جامعات أمريكية وعربية؛ كجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ومعهد ماساشيوستس للتكنولوجيا M.I.T، بالولايات المتحدة الأميركية، وجامعة الملك عبد العزيز بالرياض، وجامعة الملك فهد للعلوم والتقنية بالظهران والتي كان أحد مؤسسيها، كلاهما بالمملكة العربية السعودية، وتحصل على رتبة أستاذ ذي كرسي عام 1972 وهو لما يتجاوز 31 عاما.
وكذلك عمل أستاذا زائرا في مختلف جامعات العالم في مجال الطاقة والعلوم والتكنولوجيا، وكان له الفضل في تأسيس علم هندسة البلازما Plasma Engineering وألف في مجاله عدة كتب؛ خاصة كتابه بنفس الاسم والذي يعد مرجعا علميا ودراسيا في مختلف جامعات أميركا و أوروبا، وألف كتاب: التحويل المباشر للطاقة Direct Energy Conversion والذي بدوره يدرس في عدة جامعات عالمية بأمريكا وأوروبا.
واستطاع بفضل هذين الكتابين وعشرات الدراسات العلمية الأكاديمية أن يؤسس لعلم الطاقة الشمسية، ويفلسف لعلم الطاقات المتجددة؛ من طاقة مياه وطاقة رياح، ليصبح والد هذا المجال عالميا، وتصبح دراساته اتجاها علميا رائدا في مختلف معاهد العالم بخصوص الطاقات المتجددة؛ خاصة الطاقة الشمسية، وتعتمد في مختلف مجالات البحث العلمي، حيث مقصده منها: إيجاد بديل للطاقات الملوثة للبيئة مثل البترول والغاز الطبيعي.
وأنجز في هذا المجال عدة إنجازات هامة؛ منها مؤتمر الطاقة الشمسية المنعقد في الظهران عام 1975 – 1395 والذي يعتبر أكبر مؤتمر للطاقة الشمسية يقام في العالم الثالث، حضره أكثر من 300 عالم وباحث عالميين، قدموا مئات البحوث الهامة في مجال الطاقة الشمسية، وعين الدكتور علي الكتاني رئيسا لهذا المؤتمر، والذي ألف حوله كتاب: الطاقة الشمسية والتطورHeliotechnique and Development باللغة الإنجليزية، بالاشتراك مع الدكتور جوزيف سوسو، في مجلدين ضخمين، 1800 صفحة.
ومن إنجازاته العلمية: مشروع دوحة سلوى؛ الذي يؤمن الطاقة الكهربائية لجميع دول الخليج العربي بتكلفة زهيدة جدا، مستغلة بذلك طاقة الرياح والشمس والماء، وألف في موضوعه بحثا هاما قدمه يدا بيد للملك السعودي الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود. وعلى ضوئه تم بناء الجسر الشهير بين المملكة العربية السعودية والبحرين.
كما شغل الدكتور الكتاني عضوا ورئيسا لعدة المنظمات العلمية العالمية، منها تعاونية البحر الأبيض المتوسط للطاقة الشمسية؛ التي كان نائبا لرئيسها، واتحاد مراكز الأبحاث العالمي الذي كان عضوا به. كما أنجز بحثا مطولا حول الطاقة في العالم العربي بطلب من منظمة الأوبك. طبع في الكويت، وهيأ دراسة حول الطاقة في الدول النامية هو وتسعة يعدون أكبر علماء الطاقة في العالم بطلب من هيئة الأمم المتحدة، طبعت ضمن منشورات المنظمة المذكورة.
أما بخصوص التكنولوجيا على مستوى العالم الإسلامي؛ فقد قام بالتنسيق بين مختلف دول العالم الإسلامي بخصوص العلوم والتكنولوجيا والتنمية من خلال وظيفته مديرا عاما للمؤسسة الإسلامية للعلوم والتكنولوجيا والتنمية التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والني مقرها بجدة بالمملكة العربية السعودية في الفترة بين عامي 1401 – 1408 (1981 – 1987 )، وعمل على تأسيس عدة جامعات ومعاهد علمية في العالم الإسلامي، وبعث عشرات المنح الدراسية للدول المتطورة صناعيا من أجل النهوض بالمستوى العلمي للمجتمع الإسلامي.
وأنجز عدة أبحاث علمية فاعلة؛ منها: دليل الجامعات الإسلامية، بالإنجليزي، ودليل الأكاديميات والمعاهد العلمية بالعالم الإسلامي، بالإنجليزي، كلاهما طبع في حوالي 500 صفحة، كما قام في هذا المضمار بالمشاركة والإعداد لعشرات المؤتمرات على المستوى الإسلامي، خاصة: مؤتمر التكنولوجيا في العالم الإسلامي المنعقد بعمان عام 1405 – 1985، وصدرت من خلال ذلك عدة أبحاث هامة في مجال العلوم والتقنية والتنمية، على المستوى الإسلامي.
وتعرف من خلال ذلك على مجموعة من قادة وزعماء الدول الإسلامية؛ خاصة الرئيسين المجاهدين الشهيدين ضياء الحق رئيس باكستان، وطرغد أوزال رئيس تركيا، ورئيس وزراء سرواك داتو باتنجي، ورئيس وزراء ماليزيا محاضر، وسمو الأمير الحسن بن طلال ولي عهد الأردن سابقا… وغيرهم من زعماء المنظمات الدولية والإسلامية الذين وجد في التعامل معهم دفعا لمشروعه الإسلامي الرائد على مستوى التكنولوجيا والتنمية، والدعوة الإسلامية بين الأقليات المسلمة في العالم.
ونتج عن جهوده في المؤسسة الإسلامية للعلوم والتكنولوجيا والتنمية؛ تأسيسه للأكاديمية الإسلامية للعلوم والتي مقرها بعمان – الأردن، وذلك عام 1407 – 1987، والتي تضم كبار علماء المسلمين في مستوى العلوم والتكنولوجيا، والتي تولى منصب أمينها العام ونائب رئيسها، وهي تقوم بإعداد مؤتمرات دورية تخـص العلوم والتقنية في العالم الإسلامي، ومن أهم الدراسات التي أصدرتها الأكاديمية بإشراف وإنجاز الدكتور الكتاني: الصحة والتغذية والتنمية في العالم الإسلامي. باللغة الإنجليزية.
كما عمل من خلال عضويته في منظمة العواصم والمدن الإسلامية – والتي مقرها بجدة بالمملكة العربية السعودية – على ضم دولتين من دول أميركا اللاتينية لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهما: غوييانا وترنداد، وذلك من خلال نشاطاته المتواصلة في مجال الدعوة إلى الله تعالى في تلك القارة، وما كان له من علاقة وطيدة بعدة دول بها على المستويين الشعبي والقيادي، كما عمل على إدخال مدن غير إسلامية ولكن لها تاريخ إسلامي عريق في منظمة المدن والعواصم الإسلامية التابعة لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
أما على مستوى الأقليات الإسلامية؛ فقد عمل الدكتور الكتاني على تجديد الدعوة الإسلامية في العالم غير الإسلامي، حيث ابتدأ اعتناؤه بها منذ دخوله الجامعة بلوزان ثم الولايات المتحدة، وبها أسس عدة مراكز إسلامية، ثم عند مقامه بالمملكة العربية السعودية قام بإعطاء النصائح لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة لكي تقوم بمسح عام للأقليات الإسلامية بالعالم يتبعه مساندة علمية مدروسة لهذه الأقليات، وكان أول ما صنفه كتاب: المسلمون في المعسكر الشيوعي.
ثم قام عام 1393 – 1973 بجرد عام للمسلمين في أوروبا وأمريكا باسم رابطة العالم الإسلامي، وفلسف لعلم الأقليات الإسلامية في عدة من كتبه؛ أهمها: المسلمون في أوروبا وأمريكا في مجلدين، والأقليات الإسلامية في العالم اليوم. باللغة الإنجليزيةMuslim Minorities in The World Today وآخر مختصر باللغة العربية، وكلا الكتابين يعتبر أهم مرجع في بابهما لا يستغني عنهما باحث في الأقليات الإسلامية، بل الكتاب الثاني يدرس في عدة جامعات ومعاهد إسلامية عالمية؛كالجامعة الإسلامية بباكستان، والمراكز الإسلامية في أمريكا وأستراليا.كما أنجز بالتعاون مع الأستاذ أحمد مختار امبو: موسوعة الأقليات الإسلامية في العالم في عدة مجلدات. باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، علاوة على عشرات الأبحاث والمؤلفات التي ألفها في هذا المجال.
إضافة إلى عشرات بل مئات الجمعيات والمراكز الإسلامية التي أسسها في مختلف دول القارات الخمس، وكان له الفضل في إدخال الإسلام إلى عدة مناطق في العالم فقد منها أو لم يوجد قط، خاصة في نيوزلندا وكاليدونيا الجديدة، الذين يعتبر أول من أوجد الإسلام بهما، كذا عشرات المؤتمرات التي أسسها أو شارك فيها بخصوص الأقليات الإسلامية في العالم، والدروس التي ألقاها في مختلف الجامعات والمراكز الإسلامية العالمية التي كانت تستدعيه لإلقاء دروس تنظيمية وتفقيهية في مجال الدعوة الإسلامية في العالم غير الإسلامي، حتى تخرج على يديه مئات الدعاة من مختلف دول العالم، كما نظم جميع الجمعيات الإسلامية في أستراليا تحت اسم: إتحاد الجمعيات الإسلامية في أستراليا. والذي يضم الآن أكثر من 800 ألف مسلم. ليكون عدد من أسلم على يديه أو تنظم من مسلمي العالم أكثر من مليوني مسلم.
وإذا ذكر الإسلام في الأندلس(إسبانيا) – فلا يمكن أن يغفل عنه الدكتور علي الكتاني، الذي كان أحد أول من أدخل الإسلام إلى تلك الربوع المسلوبة، وقد ابتدأ نشاطه الإسلامي بها منذ عام 1393 – 1973، وتكثف منذ عام 1400 – 1980، حيث عمل على استرجاع مسجد القاضي أبي عثمان الشهير بقرطبة، ثم أسس عدة مراكز إسلامية بقرطبة ومالقة وغيرهما، ثم أسس الجماعة الإسلامية بالأندلس، وقام عن طريقها بإنشاء عدة فروع للجماعة بمختلف المدن الكبرى لمنطقة الأندلس بإسبانيا، ودخل الإسبان على يديه للإسلام أفواجا.
وأقام عدة مؤتمرات إسلامية؛ منها: أعوام 1404، 1405، 1406، وعمل على ربط أندلسيي المهجر المسلمين بأندلسيي الداخل، وإرسال عدة بعثات من مسلمي الأندلس إلى مختلف الجامعات الإسلامية لتعلم اللغة العربية والفقه الإسلامي.
كما فلسف للقومية الأندلسية الإسلامية الحديثة في عدة مؤلفات ومحاضرات ومقالات، خاصة كتابيه: إنبعاث الإسلام في الأندلس. في 560 صفحة، طبعة الجامعة الإسلامية بباكستان، والصحوة الإسلامية في الأندلس اليوم: جذورها ومسارها. طبع ضمن منشورات كتاب الأمة بقطر.
ثم – وطبقا لنظريته في توطين الإسلام في الأراضي المتواجد بها – أسس أول جامعة إسلامية بأوروبا الغربية منذ سقوط غرناطة؛ وهي: جامعة ابن رشد الإسلامية بقرطبة. وعين رئيسا لها، لتفتح الباب لعدة جامعات إسلامية شارك في تأسيسها في أوروبا الغربية، سواء بفرنسا أو هولندا أو بلجيكا، حتى تأسست كنفدرالية اتحاد الجامعات الإسلامية بأوروبا، ليكون مجددا ورائدا في هذا المجال.
وعمل من خلال هذه الجامعة التي بذل فيها ماله وعمره وجهده إلى أن توفي بها شهيدا – رحمه الله تعالى – على نشر الوعي الإسلامي بين الإسبان، وإحياء لغة الألخاميادو ( الأعجمية ) – وهي: اللغة اللاتينية المحلية المكتوبة بالحروف العربية، حيث أول حروف كتبت بها اللهجات اللاتينية غير الفصحى كانت الحروف العربية – ومعلوم ما في إحياء مثل هذه الثقافة من معنى، خاصة في دول ترمي إلى العودة إلى ثقافتها الأصيلة، والتميز عن الدول المجاورة لها.
كان الدكتور الكتاني واسع الثقافة، لا تتحدث في فن إلا ويدلو بدلوه فيه، يتقن اللغات: العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية، تأليفا ومحاضرة وخطابة ومطالعة، وله معرفة وإلمام بخمس لغات أخر؛ هي: الأمازيغية، والألمانية، والبرتغالية، والإيطالية، والسويدية. لا يكاد يترك المطالعة والكتابة، قوي الهمة شديد الغيرة على الإسلام وقضاياه. وكان فاعلا منجزا، له قدرة هائلة على الابتكار وصنع النظريات، مع الهمة العالية في تطبيق وشرح وتوضيح أفكاره ونظرياته.
أقام عدة مؤتمرات وشارك في عشرات الندوات بخصوص أوضاع المسلمين في مختلف دول العالم، وكان له دور رائد في التوعية الدينية ببلاده المغرب، وكذلك المشاركة في الجمعيات الخيرية، بل أسس: مؤسسة الإغاثة الإسلامية في المغرب، بالتعاون مع هيأة الإغاثة الإسلامية في جدة – المملكة العربية السعودية، والتي عملت على كفالة عشرات الأيتام والأرامل بالمغرب، كما كان عضوا في مؤسسة آل البيت ومنتدى الفكر العربي بعمان – الأردن، بل كان عضوا في الأمانة العامة لهذا الأخير. وأسس عدة جمعيات تعاونية وثقافية؛ منها: جمعية الشرفاء الكتانيين للثقافة والتعاون. وبالرغم من كل هذه المجهودات وهذا النفوذ؛ كان غاية في التواضع وهضم النفس.
ترك ما يزيد عن مائتي مؤلف وتحقيق؛ منها سوى ما ذكرنا: الشجرة الكتانية ( في النسب الكتاني ) في مجلد ضخم. خ، موسوعة التراجم الكتانية. خ، الشرفاء الكتانيون في الماضي والحاضر. ط، مجموعة كبرى من الأبحاث في خصوص علم الطاقة باللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، موسوعة المقالات المكتوبة حول الإسلام بالأندلس منذ عام: 1980 – 2000. خ، العلامة المجاهد محمد إبراهيم بن أحمد الكتاني – حياة علم وجهاد. ط، جمع وتحقيق وتذييل كتاب جده الإمام محمد الزمزمي الكتاني: عقد الزمرد والزبرجد في سيرة الابن والوالد والجد (حياتي) 3 مجلدات، والذي هوتاريخ للشرق الأوسط في القرن الرابع عشر الهجري. خ، تحقيق رحلة ابن بطوطة في مجلــدين. ط، تحـــقيق كتاب نظم الدر واللآل في شرفاء عقبة ابن صوال ( الكتانيين) للعلامة الطالب ابن الحاج. ط، جمع وتحقيق ديوان العلامة عبد الرحمن بن جعفر الكتاني. خ، موسوعة الشعر الأندلسي المضمن للكلمات العامية. جزأين. خ، المنتقى من الشعر الكتاني جزأين. خ، مجموعة كبرى من الأبحاث بخصوص الأقليات الإسلامية في العالم. مجموعة من الأبحاث الفكرية والدعوية… وغير ذلك كثير.
كما أجيز في الرواية من طرف العديد من العلماء؛ كجده العلامة السيد محمد الزمزمي الكتاني رحمه الله، والشيخ محمد عبد الرشيد النعماني رحمه الله تعالى، وغيرهما. واستجازه جمع من أهل العلم وطلبته. أذكر منهم: أبناءه الحسن والحسين وحمزة، والشيخ الشريف حاتم العوني، والأخ محمد رجب مسامبا، وغيرهم.
كما تلقى عدة جائزات تقديرية علمية وفكرية من مختلف الجامعات والمعاهد والمنظمات الإسلامية والعالمية، واختير ضمن تراجم كتاب العباقرة في القرن العشرين الميلادي: The International Who’s Who of Intellectuals، أحد بضع وثلاثين عالما فقط، واختاره مركز التراجم الأمريكي الذي يعنى بتراجم نبغاء الألفية الميلادية الثانية: American Biographical Institute.
توفي رحمه الله تعالى بقرطبة – إسبانبا، فجأة وفي ظروف غامضة وهو مستعد للرجوع لبلاده المغرب، سحر ليلة الثلاثاء 15 محرم الحرام عام 1422 الموافق 10 أبريل عام 2001، بعد تهديدات بالقتل كان تلقاها من اليمين المتطرف النصراني، من أجل نشاطه الإسلامي الكبير في إسبانيا وأوروبا، ونقل جثمانه من الغد للرباط – المغرب، حيث شيع جثمانه في جنازة مهيبة ظهر يوم الخميس الموالي، ليدفن في مقبرة الشهداء. رحمه الله وجعل نزله الفردوس الأعلى بمنه وكرمه.
لقد وصلتَ متأخِّرا يا كولومبوس !
مارس 24, 2009 في 12:19 م (أقرؤا التاريخ فإن فيه العبر)
لقد وصلتَ متأخِّرا يا كولومبوس
اشتهر علميا أن مكتشف الامريكتين هو كريستوفر كولمبس ، إلاَّ أننا يجب أن نتوقف قليلا ً لنجيب عن سؤال هام وهو:
من هم سكان هاتين القارتين الذين انعزلو عن العالم طيلة قرون عديدة ؟؟
ومن أين جاءوا ؟؟؟
1ـ هجرات قديمة :
بين 35 ألف سنة الى 15 ألف سنة فبل الميلاد: بدأت هجرات مصدرها آسيا،عبر مضيق (بيرنك) حيث بدأ يتجمع أول شعب سكن هذة البلاد من الآسكا فى اتجاه الاراضى الحارة واستقر معطمهم في المكسيك .
2ـ حضارة الإنكا (Inca):
امبراطورية الإنكا هي إمبراطورية قديمة بنتها شعوب هندية في منطقة جنوب غرب أمريكا، و لا يعلم بالضبط متى قامت هذه الحضارة و لكنها بلا شك حضارة ضاربة في القدم .
وتشمل أرض الأنكا بوليفيا والبيرو والاكوادور وجزءاً من تشيلي والأرجنتين قاموا ببناء عاصمتهم كاسكو وهي مدينة مترفة ومليئة بالمعابد والقصور تقع على ارتفاع 11000 قدم فوق مستوى سطح البحر في جبال الانديز وقد أطلق عليها اسم مدينة الشمس المقدسة, تبلغ مساحتها 990000 كيلومتر مربع.
و كان بناء تلك المدينة “كاسكو” في حوالي سنة 1100 م على جبال الأنديز ، واستمرت حتى الغزو الأسباني عام 1532 م ، فبعد قرون من الرخاء انقسمت إمبراطوري الإنكا إلى قسمين ، عند ذلك قام الأسبان بغزوهم ودمروا الإمبراطورية .
من مظاهر رقي حضارة الإنكا :ـ
لقد تركت حضارة شعوب الأنكا بصمة عجيبة ومحيرة تلفها الأساطير التي تقول أنهم أتوا من الفضاء الخارجي لروعة الإرث الذي تركوه.
ـ توصل شعب الأنكا إلى بناء دولة تتسم بنظم حضارية شديدة التعقيد ، و ذلك للوصول إلى نوع من العدالة الاجتماعية ، فقد وضعت الحكومة يدها على الأرض لضمان قوت الشعب، والذهب والفضة ومعادن أخرى وقطعان الماشية وبخاصة حيوان اللاما الذي يقوم بدور المواصلات. وكانت العائلة المقياس الرئيسي في التقسيمات الحكومية، فلكل مجموعة من عشرة عائلات قائد مسؤول أمام الكابتن الذي يشرف على خمسين عائلة والذي يشارك في الحكم, ولكل عائلة مقدار معين من محصول الأرض، كما كانوا يحيكون ملابسهم ويصنعون أحذيتهم ويسبكون الذهب والفضة بأنفسهم, وكان العجزة والمرضى والفقراء يلقون رعاية كافية من المجتمع.
ـ كان لشعب الأنكا خبرة كبيرة في الزراعة حيث كانوا ينتجون محاصيل ممتازة ويشقون السواقي ليجلبوا الماء من المناطق الجبلية لسقاية حقولهم وقد بنوا جسورا مصنوعة من أغصان الكرمة والصفصاف مجدولة بالحبال.
ـ أتقن الإنكيون نسج القطن الناعم بمهارة حتى أن الأسبان عندما غزوهم اعتقدوا بأن نسيجهم مصنوع من الحرير .
3ـ حضارة المـايا :
ـ في شمال جواتيمالا وأجزاء من المكسيك .حيث الغابات الإستوائية وهندوراس والسلفادور وهذه المناطق هي موطن شعب هنود المايا ، حيث قامت حضارة شعب المايا ، ـ و قد تطورت حضارة المايا ببطء خلال سنة 2000ق.م. وسنة 300 م .
ـ ويطلق على هذه الفترة ـأي: من سنة 2000ق.م. وسنة 300 م في حضارة شعب المايا ـ حضارة “ما قبل التقليدية”. ومع بداية هذه الفترة كان الذين يتكلمون اللغة الماياوية يعيشون في ثلاث مناطق متجاورة في أمريكا الوسطي وشرق وجنوب المكسيك . وكان الماياويون الأوائل شعبا يمارس أبناؤه الفلاحة ، ويعيشون في قري صغيرة متناثرة وفي بيوت صغيرة مسقوفة بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م. وأفلت إمبراطوريتهم القديمة مع حلول القرن السابع ق. م و لكنها أفلت في ذلك الوقت بصورة سريعة بسبب الأمراض والحروب والمناخ والمجاعات ولاسيما في المدن الجنوبية .
. وفي سنة 1000ق.م. قامت الإمبراطورية الحديثة للمايا . وكانت أقوي مما كانت عليه قديما .حيث ظهرت مدن جديدة في يوككتان وأتزي إلا أن معظم هذه المدن إندثرت .
وفي سنة 300 م . ظهرت الحضارة التقليدية لشعب المايا . واصبحت حضارة معقدة منذ سنة 300م. –900 م. حيث قامت المدن الرئيسية المستقلة سياسيا كمد ينة تيكال وباينك وبيدراس ونجراس وكوبان ، و بلغت هذه الحضارة أوجها سنة 700ق.م..
في القرن الثامن والتاسع الميلادي ، بدأت حضارة المايا الكلاسيكية بالإنحدار، وذلك بهجر السكان للمدن في السهول الداخلية، فالحرب وفشل الأراضي الزراعية في تغطية حاجة السكان والجفاف ، هي ما يعتقد بأنه سبب إنحدارها. وهناك أدلة أثرية تدل أن الحرب ، المجاعة والثورات الداخلية على الطبقة الحاكمة والنبلاء سادت في عدّة بقاع في المناطق الداخلية .
ـ كماكان وصول الأسبان والأوروبيين إلى الأمريكيتين سببا في تدمير هذه الحضارة العريقة .، و قد بدأ الإسبان السيطرة على أراضي المايا في حدود 1520 . وقاومت بعض المناطق بشكل مستميت ، وآخر ممالك المايا ، مملكة إتزا ، لم تخضع للإسبان حتى عام 1697.
من مظاهر رقي حضارة المايا :
ـ تميزت إمبراطورية المايا القديمة بمبانيها العامة وبيوت كبار رجالها والكهنة التي كانت تبني بالحجارة و كما إشتهرت بمدنها الكبيرة ككولان في هندوراس . وكانت بعض المدن تبني حولها الأسوار . وكانت شوارعها ممهدة وكانت الطرق الممهدة تربط بين المدن الرئيسية .
ـ كما عرق الماياويون تقنيات زراعية و صناعية متطورة ، و كانت حضارة شعب المايا ـ بلا شك ـ أكثر تطورا من أوربا في ذلك الوقت ، و في المناطق المنخفضة بأرض المايا بنيت المدن الكبيرة والمستقرة حيث كانت مأهولة بالسكان
ـ اشتهرت المدن الماياوية ببناء المعابد والقصور والأفنية وخزانات المياه والجسور العلوية فوق المستنقعات . وكانوا يبطنون ويمحرون الأسقف والأرضية والجدران بالمونة من عجينة حجر الجير الأحمر. وكان النحاتون ينقشون علي الأعمدة الحجرية أخبار وتاريخ أسر الحكام وحروبهم وإنتصاراتهم فيها .
ـ كان هناك نظام حكمي منظم للماياويين فقد كان يطلق على الملوك لقب كولاهو k’ul ahau ومعناه الحاكم الأكبر والمقدس لأن الملك كان كان له السلطة السياسية والدينية ، وكان الملوك يحكمون من خلال مجلس حكم وراثي.
ـ كانت التجارة الداخلية مزدهرة بين مناطق المايا حيث كانت الطرق منتشرة خلالها لتسهيل النقل والمواصلات. وكانت البضائع المتبادلة من المحاصيل والسيراميك وريش الطيورالإستوائية وغزل القطن وحجر الأوبسيدون ومسحوقه والملح والأصباغ الحمراء من تجفيف حشرات cochineal القرمزية
اللون ، والبخورمن راتنج شجر كوبال وجلد الفهد والعسل والشمع وغزل القطن ولحوم الظباء المدخنة والأسماك المجففة ، وكان الأهالي يبيعون السلع بالمقايضة أو يشترونها بحبات( كالفول ) الكاكاو التي كانت تستعمل كعملة في البيع والشراء .ـ اشتهرت حضارة المايا منذ القرن الرابع وحتى مجيء الأسبان بإقامة الأهرامات وفوق قممها المعابد ومساكن الكهان .
ـ وكان للمايا كتاباتهم التصويرية وأعمال الفريسك (الأفرسك). وفي غرب بنما عثر على آثارٍ لهم من الذهب والفخار .
ـوعرفت حضارة المايا الكتابة الرمزية (الهيروغليفية ) كما عرفت التقويم عام 613ٌ.م. . والسنة الماياوية 18 شهر كل شهر 20 يوم . وكان يضاف للسنة 5 أيام نسيء يمارس فيها الطقوس الدينية.
ـ كما عرفت حضارة المايا الحساب . وكان متطورا . فالوحدة نقطة والخمسة وحدات قضيب والعشرون هلال . وكانوا يتخذون اشكال الإنسان والحيوان كوحدات عددية .
ـ كما أشتهرت حضارة المايا بصناعة الفخار الذي كان علي هيئة كؤوس إسطوانية لها حوامل وذات ثلاثة أرجل والطاسات الملونة .
4ـ هجرات تاريخية متباعدة :ـ
ولكن من المؤكد تاريخيا الآن .. قيام هجرات آسيوية و أفريقية محدودة خلال فترات تاريخية متباعدة .
فقد وجدت هنالك مثلاً كتابات كنعانية يقول كاتبوها :
( نحن أبناء كنعان من صيدا مجينة الملك، ركبنا السفن للتجارة، فجاءت بنا الى هذا الساحل النائى من أرض الجبال، لقد ركبنا البحر فى البحر الأحمر ، وأبحرنا فى عشر سفن، ومكثنا فى البحر مدة سنتين ندور حول أرض حام أفريقية، الا أننا فرقنا على يد بعل بواسطة عاصفة فافترقنا عن أصدقائنا ، وهكذ وصلنا الى هنا 12 رجلا ً وثلاث نساء .
ـ و بالنسبة للفينيقيين “ملوك البحر” فقد سجَّل المؤرخ الاغريقى هيرودوت “الملقب بأبي التاريخ” في تاريخه مغامرةً عجيبة قام بها جماعة من الفينيقيين على متن عشر سفن تحت امرة أمير البحر كودمو مؤسس أثينا ومرافئ جزر قبرص وكريت “كريطا”، حيث هبت عليهم عاصفة بحرية فى الساحل الافريقى قبالة البرازيل ، وتشير الأخبار التى أوردها المؤرخ هيرودوت فى تاريخة الى مختلف البطولات والمآثر التى قام بها كودمو حيث قام فى مناسبتين بالدوران حول الأرض بعد أن عبر بحرين ونزل وأصحابة عدة مرات فى العديد من السواحل، وبطولات من هذا القبيل معروفة عن الفينيقيين خاصة فى البحار.
ـ و مما يؤيد ما ذكره هيرودوت أنه اكتشِف عام 1872 م في البرازيل ـ في ساحل باريبا ـ حجرة غريبة متناسقة بها مخطوطاتٌ فينيقية مكتوبة منذ قرابة 25 قرنا ، حيث اكتشفها أحد أبناء تلك المنطقة ، و في عام 1899م كانت المفاجأة الكبيرة عندما أعلن الباحث الآثرى ( الاركيبولوجى) الكبير سيروس جوردن أن الحجرة المكتشفة حقيقية و أصلية ، و وثيقة فينيقية من إضبارة العالم القديم في تاريخ العالم الجديد .
5ـ و بعد حجرة (بارايبا) تم العثور فى تواريخ غير بعيدة على دلائل أخرى تؤكد وجود الفينيقيين فى البرازيل ، ففى مصب نهر الأمازون تم اكتشاف أشكال خزفية عليها عدة رسوم فينيقية والتى يمكن للمرء أن يراها ويتأملها فى متحف (بويل دى بليم) فى البرازيل ، كما تم العثور على عدة معالم فى مناطق الغابات فى أدغال (ماطود جرسو ذات خصائص تشبه إلى حد بعيد البقايا والآثار التى اكتشفت فى تواحى صيدا.
6ـ يضاف إلى ذلك سلسلة من الافتراضات التى تشير إلى رحلات عبر القارات قامت بها شعوب أخرى مثل الفايكنج واليابانيين الذين يقال إنهم وصلوا إلى المكسيك عام 495 قبل الميلاد ، ولايف اريكسون الذى يقال إنه وصل إلى هذه الأرض الجديدة عام 1000 قبل الميلاد .
7ـ إلاَّ أن رحلة كولومبس باحثا عن الذهب الآسيوي ثم وصوله إلى شواطئ جزر الباهاما يوم 12 أكتوبر تشرين الاول 1492 كانت هي المنعطف الكبير في تاريخ تلك القارة ، بل و تاريخ العالم أجمع .
5 ـ الوجود الاسلامي في أمريكا :
أـ الشواهد من التراث الاسلامي:
1ـ ذكر المؤرخ المسعودي كتابه “مروج الذهب ومعادن الجوهر” المكتوب عام 956 ميلادية، أن أحد المغامرين من قرطبة اسمه الخشخاش بن سعيد بن الأسود، عبر بحر الظلمات مع جماعة من أصحابه إلى أن وصل إلى الأرض وراء بحر الظلمات، ورجع سنة 889م،وقال الخشخاش لما عاد من رحلته بأنه وجد أناسا في الأرض التي وصلها، ووصفهم، ولذلك لما رسم المسعودي خريطة للعالم، رسم بعد بحر الظلمات أرضا سماها: الأرض المجهولة بينما يسميها الإدريسي بالأرض الكبيرة أي إنه في القرن التاسع الميلادي كان المسلمون يعرفون أن ثمة أرضا وراء بحر الظلمات.
بينما لا يزال الأوروبيون حتى في خرائطهم وكتبهم أمريكا بالهند الغربية “L’Inde Occidental. West India”. ، بل كريستوف كولومب، والذي ذهب إلى تلك الأرض وعاد وعاش ومات، مات وهو يظن أنه إنما ذهب إلى الهند، و لم يظن قط أنه اكتشف أرضا جديدة. ولذلك فإلى يومنا هذا بكل جهل يسمي
2ـ كما سجل المؤرخ عمر بن القوطية رحلة ابن فروخ الأندلسي عام 999م، ومما يظهر من كلامه: أن ابن فروخ لم يصل إلى أمريكا، غير أنه زار جزر كناريا “Canaries”، في المحيط الأطلسي، وقطع منها إلى جزر أخرى في المحيط الأطلسي، ووصف أهالي كناريا ثم عاد إلى الأندلس.
3ـ وثمة قصة مفصلة أكثر من جميع ما ذكرت، وربما يعرفها جميعنا، وهي قصة الشريف الإدريسي الذي عاش في القرن الثاني عشر الميلادي بين 1099-1180م، والذي كان من سبتة، شريفا حمّوديا إدريسيا، وكان هو العالم الجغرافي الذي اصطفاه “روجر”، الملك النورماندي لصقلية، الذي كان يعد من الملوك الصقليين المتفتحين تجاه الإسلام، ولم يضطهد المسلمين عندما احتل النورمانديون صقلية وأخذوها من أيديهم.
ففي كتابه “الممالك والمسالك” جاء بقصة الشباب المغرورين؛ وهم: جماعة خرجوا ببواخر من إشبونة ، وكانت في يد المسلمين وقتها، وقطع هؤلاء المغامرون بحر الظلمات، ورجع بعضهم، وذكروا قصتهم وأنهم وصلوا إلى أرض وصفوها ووصفوا ملوكها. والغريب في الأمر أنهم ذكروا أنهم وجدوا أناسا يتكلمون بالعربية هناك
وإذا كان أناس يتكلمون بالعربية هناك فهذا دليل على أن أناسا كثيرين وصلوا قبلهم إلى هناك، حتى تعلم أهلها العربية ليكونوا ترجمانا بينهم وبين الملوك المحليين، وعلى أنه كان هناك وجود إسلامي في ذلك التاريخ على تلك الأرض. الوصف الذي أعطاه هؤلاء المغامرون يظهر أنه وصف للجزر الكارابية، كوبا أو إسبانيولا، أو غيرهما من جزر البحر.
4ـ وكذلك فإن ياسين والد عبد الله بن ياسين – مؤسس دولة المرابطين – قطع المحيط الأطلسي وذهب إلى المناطق شمال البرازيل، وغينيا، ونشر فيها الإسلام. ذهب إلى هناك مع جماعات من أتباعه، وأسس منطقة كبيرة كانت تابعة للدولة المرابطية. أي: إن الدولة المرابطية لم تكن في شمال إفريقيا والأندلس والبرتغال فحسب، وإنما كانت أيضا فيما يسمى الآن شمال البرازيل وغينيا، وهذا موثق بالوثائق التي تملكها الدوقة المذكورة.
5ـ عام 1929م، اكتشفت خريطة للمحيط الأطلسي رسمها بيري محيي الدين رايس، الذي كان رئيس البحرية العثمانية في وقته، وذلك سنة 919 هـ/ أي: حوالي: 1510-1515م، الخريطة الموجودة الآن: الغريب فيها أنها تعطي خريطة شواطيء أمريكا بتفصيل متناه غير معروف في ذلك الوقت بالتأكيد، بل ليس الشواطيء فقط، بل أتى بأنهار وأماكن لم يكتشفها الأوروبيون إلا أعوام: 1540-1560م، فهذا يعني – وكما ذكر بيري رايس – بأن هذه الخريطة مبنية على حوالي تسعين خريطة له وللبحارين الأندلسيين والمغاربة الذين قدموا قبله، فسواء هو أو المسلمون قبله سيكونون عرفوا قطعا تلك المناطق، وعرفوا اسمها قبل الأوروبيين.
ومن ضمن المسائل في هذه الخريطة التي تدل على تقدمهم على الأوروبيين بكثير في معرفتهم بالقارة الأمريكية: أنهم أظهروا جزرا في المحيط الأطلسي لم يكن يعرفها الأوروبيون، بما فيها: جزر الرأس الأخضر “Cap Verde”، وماديرا، وجزر الأزور، وبما فيهم جزر كناريا بالتفصيل، التي كنا نسميها “جزر الخالدات”. والغريب في الأمر أنه أظهر بالتفصيل جبال الأنتس التي هي جبال تشيلي غرب قارة جنوب أميركا، التي لم يصلها الأوروبيون إلا عام 1527م، وأظهر أنهارا في كولومبيا، ونهر الأمازون بالتفصيل، ومصبه الذيْن لم يكونا معروفين عند الأوروبيين ولا موجودين في خرائطهم. وأظهر نهر الأمازون بالتفصيل، بحيث رسم في مصب النهر المذكور بوضوح جزيرة يسمونها الآن “ماراجو”، وهي الآن موجودة في الخريطة الحالية التي ما وصلها الأوروبيون إلا آخر القرن السادس عشر.
6ـ من بعد ذلك هناك خريطة للحاج أحمد العثماني عام 1559م، وهي تدل كذلك على معرفة واضحة بالقارة الأميركية متفوقة على معرفة الأوروبيين. والحقيقة أن الرعب الكبير الذي كان للأوروبيين في القرن السادس عشر أن تحتل الدولة العثمانية أمريكا وتطردهم منها كان هاجسهم، ونذكر أنه في القرن السادس عشر كان الوجود الإسلامي ما يزال في إسبانيا، كان الموريسكيون مضطهدين محاربين، بيد أنهم كانوا ما يزالون مقاومين.
7ـ هناك خريطة للعالم يسميها الغربيون بخريطة الراهب العربي ، و هي التي اعتمد عليها كولومبوس ـ مع غيرها من الخرائط العربية ـ حيث طلب من أخيه بطليموس نسخها و اصطحبها معه في رحلته إلى العالم الجديد، و قد فام المؤرخ المعاصر فؤاد سزكين بدراسة تلك الخريطة في موسوعة علمية عن الخرائط العربية و دورها في الاكتشافات الجغرافية.
كما أن هناك كشف جغرافي آخر مهم جدا في خريطة الراهب العربي ـ التي هي خريطة عربية 100% ـ ، حيث يتمثل فيها الخط الذي كانت تسير عليه السفن العربية من رأس الرجاء الصالح ـ و الذي كان العرب المسلمون يطلقون عليه اسم “رأس الذئاب” في أقصى نقطة في جنوب أفريقيا ـ، حيث كانت سفنهم تبحر من هناك إلى أمريكا .
و في أسفل خريطة الراهب العربي توجد تعاليق كثيرة لذلك الراهب ، حيث يقول أنه في سنة 1420م أبحرت سفينتهم من الأوقيانوس الهندي مروراً برأس الذئاب .
و هناك عالم ألماني زار هذا الرأس في القرن الخامس عشر الميلادي وأثبت أنه هناك ذئاب في تلك الجزبرة ، و لذلك كان العرب يسمونها برأس الذئاب .
8ـ أما الأفارقة؛ فالذي يظهر أن أول من قطع البحر من مسلمي إفريقيا الغربية كانوا من مملكة مالي، لأن شهاب الدين العمري قال في كتاب “مسالك الأبصار وممالك الأمصار” بأن سلطان مالي من سموسة لما ذهب للحج عام 1327م، ذهب يوزع الذهب في طريقه لحد أن ثمن الذهب رخص في مصر بسبب ما وزعه من الذهب، وأخبر بأن سلفه أنشأ مائتي سفينة وقطع المحيط الأطلسي نحو الضفة الأخرى وأنابه عليه في حكم مالي ولم يعد قط. وبذلك بقي هو في الملك.
ب ـ شواهد التاريخ الغربي على الوجود الاسلامي المبكر في أمريكا:
ـ أما شواهد التاريخ الغربي على الوجود الاسلامي المبكر في أمريكا فكثيرة جدا
1ـ يقول “مييرا موس” في مقال في جريدة اسمها: “ديلي كلاريون”، “Daily Clarion”، في “بيليز”، وهي إحدى الجمهوريات الصغيرة الموجودة في أميريكا الوسطى، بتاريخ عام 1946م: “عندما اكتشف كريستوف كولومب الهند الغربية، أي: البحر الكاريبي، عام 1493م، وجد جنسا من البشر أبيض اللون، خشن الشعر، اسمهم: “الكاريب”، كانوا مزارعين، وصيادين في البحر، وكانوا شعبا موحدا ومسالما، يكرهون التعدي والعنف، وكان دينهم: الإسلام، ولغتهم: العربية!”. هكذا قال.
و بالطبع تم القضاء على هذا الشعب المسلم ، و لم يبق منهم غير اسم تلك الجزر و التي لازالت تسمى ـ إلى هذا اليوم ـ جزر بالكاريبي، و كذلك اسم ذلك البحر الذي تقع فيه تلك الجزر “البحر الكاريبي” ليبقى هذان الاسمان دليلي إدانة خالدين للوحشية الغربية الهمجية .
أما الذين بقوا منهم – وذلك لمخالطتهم للهنود الحمر – فهم: شعب “الكاليفونا”، وقد بقوا إلى يومنا هذا في أمريكا الوسطى، ولا شك أن أصولهم إسلامية، لأن الكثير من العادات الإسلامية لا زالت فيهم.
2ـ و لما رسم الأوروبيون عام 1564م خريطة لأمريكا بعيد اكتشافها، ومنها خريطة لفلوريدا، وذلك ، ذكروا فيها مدنا ذات أسماء توجد في الأندلس والمغرب. ولكي تكون أسماء عربية هناك، فبالضروري كانت هجرة عربية قبل المائة أو المائتي عام على الأقل. مثلا: في الخارطة هناك مدينة ميارقة، وواضح أنها تحريف لميورقة، وهي جزيرة من الجزر الشرقية المسماة الآن بالبليار، ومدينة اسمها كاديكا، وهي تحريف لقادس الواقعة جنوب الأندلس. وأخرى اسمها “مارّاكو” تساوي: مراكش…إلخ.
3ـ وإلى يومنا هذا؛ هناك مدن وقرى في تلك المناطق اسمها: فاس، مراكش، تلمسان، سلا…و لا يمكن أن تكون قد جاءت مع الرحالة الإسبان، فالخرائط البريطانية المبكرة تظهر وجود تلك الأسماء الأندلسية حتى قبل وصول الأسبان إليها .
4ـ كما أن ابراهام لينكولن الرئيس الأمريكي أحد زعماء الولايات المتحدة، الذي هو سليل شعب الميلونجونس ، و الذين تبين أن أصولهم إسلامية من أندلسيي البرتغال و لدى تأمل صورته وصورة أفراد الميلونجونز ترى الشبه الكبير بينهم ، ، هاجروا من البرتغال في أوائل القرن السادس عشر؛ هرباً من محاكم التفتيش إلى البرازيل، فلما جاء البرتغاليون واحتلوا البرازيل؛ تابعتهم محاكم التفتيش، فركبوا البواخر وهربوا إلى أمريكا الشمالية، قبل أن يصلها الإنجليز، واختلطوا مع قبائل الهنود الحمر. غير أن الإنجليز لما عادوا عاملوهم معاملة الهنود الحمر، قتلا وإبادة، فهربوا إلى جبال الأبالاش.
واحد منهم اسمه: “بروند كينيدي”، “Brand Kennedy”، أخذ تمويلا من جامعة فرجينيا الغربية “West Virginia”، لدراسة أصول هؤلاء القبائل، ومن أين أتوا، لأنه واحد منهم. وبدءا من دراسة عاداتهم؛ اكتشف بأن أصولهم – كما ذكرت – من المسلمين الأندلسيين
و لا يبعُد أن يكون لنكولن لدى قيامه بتحرير السود أنه كان بذلك ينتصر بشكل ما لشعبه المضطهد من الجنس الأوربي البيض .
5ـ في عام 2003كتبت لويزا إيزابيل أل فيريس دو توليدو كتابا باللغةالأسبانية أسمته “من إفريقيا إلى أمريكا” ، و المؤلفة سليلة إحدى أكبر العائلات الإسبانية ، إذ هي دوقة مدينة سيدونسا ، ، ولا زالت تعيش في قصرها قريبا من مدينة سان لوقا دو باراميدا قرب نهر الوادي الكبير في الأندلس، لأن أجدادها كانوا حكام إسبانيا وكانوا جنرالات في الجيش الإسباني، وكانوا حكام الأندلس وأميرالات البحرية الإسبانية.. والأهمية في كونها دوقة لمدينة سيدونيا؛ أن عندها مكتبة فاخرة مليئة بالوثائق منذ ثلاثمائة وأربعمائة وخمسمائة عام، من ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية!، والبرهان على الوجود الإسلامي في أميريكا قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومبوس ، لذلك فالوثائق التي في ملكها تعتبر هامة جدا، و قد جمعت كثيرا من تلك الوثائق في كتابها المذكور.
6ـ و لا تزال تُكتشف كتابات عربية بعضها بالخط الكوفي في أمريكا الجنوبية ، فمن أوصلها إلى هناك؟. بل اكتشفوا في عدة أماكن كنوزا تحوي عملات ذهبية رومانية وأخرى إسلامية. وبعض تلك العملات الاسلامية يصل تاريخها إلى القرن الثامن الميلادي، أي أن ثمة باخرة إسلامية وصلت في القرن الثامن الميلادي إلى ذلك المحل وتركت ذهبها هناك.
7ـ و في لغة الهنود الحمر لا تزال هناك كلمات عربية وأمازيغية بكثرة، ولا يمكن أن تكون موجودة إلا بسبب وجود عربي أو أمازيغي قديم هناك، القرائن التاريخية التي جاءت في الكتب القديمة – العربية وغير العربية – والآثار الموجودة إلى الآن رغم المجهود الكبير الذي عمل عليه الإسبان، بعد كريستوف كولومب لمسح أي أثر للإسلام أو الوجود الإسلامي في القارة الأميريكية، وذلك طبعا لتحريف التاريخ.
8ـ ووُجدت كتابات في البيرو والبرازيل وجنوب الولايات المتحدة تدل على الوجود الإفريقي من كتابات إما بالحروف الإفريقية بلغة الماندينك؛ وهي لغة لشعب كله مسلم الآن، يسمونهم: “الفلان”، أو بحروف كوفية عربية. وكذلك تركت اللغة الماندينكية آثارا لها في الهنود الحمر إلى يومنا هذا.
أمَّا في ترينداد و توجو حيثُ يعي المسلمون هناك أصولهم الاسلامية التي تعود إلى ماقبل كولومبوس ، فالوجود الإسلامي هنالك له ثقل سياسي واقتصادي كبير، فمنهم الوزراء وأعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء البرلمان.. كما أن السلطات هناك قد وافقت على اعتبار الأعياد والمناسبات الإسلامية إجازات رسمية للمسلمين مدفوعة الأجر.
وقد انتشر المانديك من البحر الكاريبي إلى شمال وجنوب الأمريكتين، وهناك قبائل هندية إلى يومنا هذا مازالت تكتب بحروف لغة الماندينك.
9ـ و الغريب أنا إذا رجعنا إلى كتابات المكتشفين الأوروبيين الأوائل بمن فيهم كريستوفر كولومبوس ؛ نجد بأنهم ذكروا الوجود الإسلامي في أميريكا.
فمثلا؛ في كتاب كتبه ليون فيرنيل عام 1920م، وكان أستاذا في جامعة هارفرد، اسم الكتاب “إفريقيا واكتشاف أمريكا”، “Africa and the discovery of America”، يقول فيه: “إن كريستوفر كولومبوس كان واعيا الوعي الكامل بالوجود الإسلامي في أمريكا”، وركَّز في براهينه على براهين زراعية ولغوية وثقافية، وقال بأن المانديك بصفة خاصة انتشروا في وسط وشمال أمريكا، وتزاوجوا مع قبيلتين من قبائل الهنود الحمر، وهما: “إيروكوا” و”الكونكير” في شمال أمريكا، وانتشروا – كما ذكر – في البحر الكاريبي جنوب أمريكا، وشمالا حتى وصلوا إلى جهات كندا.
10ـ بل وذكر كريستوف كولومب نفسه بأنه وجد أفارقة في أمريكا. وكان يظن بأنهم من السكان الأصليين، ولكن إذا تذكرنا أنه لا يوجد سكان أصليون زنوج في أمريكا. فلا بد من أن يكونوا قد قدموا من افريقيا في وقت مبكر .
11ـ و قد ذكر الكاتب الفرنسي “جيم كوفين” في كتابه “بربر أمريكا”، “Les Berberes d’Amerique”، بأنه كانت تسكن في أمريكا قبيلة اسمها “المامي”، “Almami”، وهي كلمة معروفة في إفريقيا الغربية معناها: “الإمام”، وهي تقال عن زعماء المسلمين، وذكر بأن أكثريتهم كانت في الهندوراس في أمريكا الوسطى، وذلك قبل كريستوف كولومب.
12ـ كذلك في كتاب “التاريخ القديم لاحتلال المكسيك”، “Historia Antigua de la conquesta de Mexico”، لمانويل إيروسكو إيبيرا، قال: “كانت أمريكا الوسطى والبرازيل بصفة خاصة، مستعمرات لشعوب سود جاؤوا من إفريقيا وانتشروا في أمريكا الوسطى والجنوبية والشمالية”.
كما اكتشف الراهب فرانسسكو كارسيس، عام 1775م قبيلة من السود مختلطة مع الهنود الحمر في نيوميكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية “المكسيك الجديدة”، واكتشف تماثيل تظهر في الخريطة المرفقة تدل دلالة كاملة بأنها للسود
13ـ وزيادة على كل ما ذكر، هناك آثار للوجود الإفريقي الإسلامي في أمريكا، في شيئين هامين: تجارة الذهب الإفريقي، وتجارة القطن، قبل كولومبوس. ومعروف أن التجارة مع المغرب وإفريقيا كانت تعتمد على تجارة الذهب بشكل خاص ، و من السهل معرفة الذهب الإفريقي في أي مكان كان، لأنه يرتكز على التحليل التالي: لكل 32قسمة من الذهب يوجد 18 من الذهب، و6 من الفضة، و8 أقسام نحاس، وهذه التركيبة من الذهب تدل على أن أصله إفريقي، وخاصة منذ القرن الثالث عشر، و قد وجد هذا الذهب عند الهنود الحمر بأمريكا.
و بالنسبة لتجارة القطن ؛ فمن المعلوم أنه لم يكن هناك أي نوع من زراعة القطن في أمريكا، ، وتعجب كولومب نفسه في كتاباته حيث قال: “إن الهنود الحمر يلبسون لباسا قطنيا شبيها باللباس الذي تلبسه النساء الغرناطيات المسلمات”. و لذلك فلا بد أن يكون قد جاء من إفريقيا الغربية.
14ـ في عام 1994م، كتب ا لباحث اللبناني الدكتور علي مروة ـ الذي يدرِّس في احدى جامعات نيويورك ـ بحثا بمناسبة مرور خمسمائة عام على اكتشاف أمريكا المزعوم ، ، وهو في عشر صفحات بالإنجليزية. ومضمونه: أن كريستوف كولومب لم يكن أول من اكتشف أمريكا، إنما كان المسلمون قبله منذ القرن الثامن الميلادي، ومن ضمن هذه الإضافات التي ذكرها: نقول عن كتاب “مروج الذهب” للمسعودي، والتي تنص على علاقات بين المممالك الإسلامية في وسط إفريقيا وبين المسلمين في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية.
وكذلك نقل من رحلة كريستوف كولومب التي كتبها بعد رحلته، بعض الآثار الإسلامية، وبعض المعالم الإسلامية التي شاهدها، ومن ذلك: أنه عندما اقترب إلى كوبا وجد مسجدا مبنيا على تل من تلالها، ووصف ذلك المسجد. وهذا يدل على أنه حتى في كتبهم – الغربيين – أنفسهم كانت هذه المسألة عندهم معروفة.
ومن المفيد في هذا البحث: أنه نقل عن حوالي ثلاثين مرجعا، وتلك المراجع أغلبها كتبت في أمريكا وفي أوروبا، أغلبها وهو حوالي تسعين في المائة منها، أحدها مقال في بعض الجرائد الغربية يقول: “لست أنت أول من اكتشف أمريكا يا كولومبوس”. كما نص المقال على وجود جامعات إسلامية في أمريكا الشمالية قبل كولومب، وهذه المعلومة تجعلنا نتساءل: ما هو التراث العلمي والفقهي والتاريخي والمذهبي الذي أنتجته تلك الجامعات، وأين هو؟
و هناك بحث للدكتور علي الكتاني رحمه الله باسم : “الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومب” مفيد جدا ، و قد استفدت كثيرا من بحثه رحمه الله ، و هو على هذا الرابط : www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=73987 – 306k –
ماذا تبقَّى من الوجود الاسلامي في أمريكا :
لا شك أن الشعوب المتغطرسة لا تزال على محو وجود الشعوب المستضعفة الأخرى، في محاولات متواصلة لطمس و تحريف تاريخ تلك الشعوب .
ولا شك أن العلاقات بين الشطر الغربي من العالم الاسلامي و بالذات المغرب والأندلس كانت متواصلة مع ما يسمى اليوم بأمريكا ، وحسب ما يقرره معظم العلماء الآن – سواء من الطرف الإسباني أو من الطرف الأميركي – فإنهم يعتقدون أن قبل كريستوف كولومبوس كان الإسلام منتشرا في شمال أمريكا وفي جنوبها، وأن أول عمل قام به الكونكيسادور “Conquistador” – الإسبان النصارى – هو متابعة هجومهم على الإسلام الذي كان في الأندلس، بالقضاء على الإسلام والقضاء على الوثائق التي تبرهن أي وجود إسلامي في تلك القارة.
الغرب و حروب الإبادة :
إن من ابشع الإبادات العرقية ـ خلال تاريخ البشرية ـ هي تلك الإبادة التي تعرض لها الشعب الذي اطلق عليه اسم (الهنود الحمر) ، إبادة استهدفت وجود الشعب وثقافته وتاريخه ومستقبله.
وقد ظهر مؤخرا كتاب لراهب مسيحي كان مع الاسبان أثناء غزو اميركا الجنوبية ، و الذي تحركت فيه بعض احاسيس بشرية كانت قد ماتت عند جميع مرافقيه فحاول ثنيهم عما يعملون ولكنه فشل ولقي منهم كل عدوان ثم لجأ الى الملك والملكة وكذلك فقد فشل ولم يجد بداً من الكتابة لأجل الحقيقة .
يصف هذا الراهب عمليات الإبادة والقتل والحرق ورمي الاطفال على الصخور لتتناثر ادمغتهم امام امهاتهم بكل صلف ، كما يصف عمليات النهب والسلب لشعب بريء مسالم ، لم يعرف حتى ادوات الحرب التي توصل اليها هؤلاء .
في يوم 12 أكتوبر تشرين الاول 1492 م وصل كولومبس باحثاً عن الذهب في اسيا فوصل الى شواطئ جزر الباهاما ، حيث قابلهم الهنود الحمر من قبيلة أراواك بكل ترحاب ، أولئك الهنود الذين لم يكونوا يختلفون “عن أي هنود اخرين في العالم الجديد فكلهم معروفون بالكرم والترحيب بمشاركة الاخرين لهم في مراعيهم ، و كذلك في ممتلكاتهم المحدودة ” و هذه طبيعة الشعوب المتنقلة ، حيث لا تجفل من الغريب ، نظرا لكونها لا تملك أي مدن أو ممالك تخشى عليها من خطر الاحتلال ، بينما كانت المراعي و الثروات الطبيعية تكفي الجميع .
أبحر كولومبس بعد ذلك الى كوبا ثم الى هيسبانيولا وهي الجزيرة التي تشمل اليوم كلا من هايتي وجمهورية الدومنيكان ثم كتب تقريرا الى ممولي رحلته ملك وملكة اسبانيا قائلا ان “الرب الخالد يمنح النصر للذين يسلكون طريقه مهما كانت الصعاب” .
ثم بدأت إبادة السكان الاصليين حيث كان يتم الرجال و الاطفال كعبيد ولتلبية الحاجة للايدي العاملة ، و كلك اختطاف النساء كوسيلة لتحقيق المتعة الجنسية،ة و لقد كانت هايتي قاعدة لاصطياد الهنود الذين ملئت بهم سفن عائدة الى اسبانيا حيث كانوا يعرضون “للبيع في مزاد أشرف عليه الشمامسة… وكتب كولومبس.. دعونا باسم الثالوث المقدس نستمر في ارسال ما نستطيع بيعه من العبيد.”
وأشار المؤرخ الامريكي هوارد زن الى أنه “خلال عامين مات حوالي نصف سكان الهنود في هايتي وعددهم الاصلي 250 ألف نسمة اما عن طريق القتل أو الانتحار. كان يتم تسخيرهم بوحشية في ضياع شاسعة. وبحلول عام 1650 لم يعد على الجزيرة أحد من هنود أراواك الاصليين” بعد أن كانوا عددهم ربع مليون نسمة.
وأشار المؤرخ الامريكي الى أنه حصل على معلوماته عما حدث في جزر الكاريبي بعد وصول كولومبس مما كتبه لاس كاساس وهو قس شاب شارك في غزو كوبا ثم تخلى عن مزرعة له كان يعمل فيها عبيد هنود “وأصبح ناقدا حادا للوحشية الاسبانية … هو المصدر الوحيد بشأن أمور كثيرة. وبدأ وهو في الخمسينيات من عمره في كتابة مؤلفه ذي المجلدات العديدة (تاريخ الجزر الهندية).”
ونقل المؤلف عن كاساس وصفه لكولومبس انه “كان متهورا الى حد العمى وكذلك من أتوا بعده. لقد كان همه أن يسعد الملك (في اسبانيا) فارتكب ما لا يغتفر من الجرائم في حق الهنود… كانوا (الاسبان) يرفضون السير على أقدامهم حتى لو لمسافات قصيرة فيتخذون من ظهور الهنود مطايا أو يجلسون على محفات يتناوب الهنود حملها وكان على نفر من الهنود أن يحملوا فروعا من الشجر كثيفة الاوراق يحمون بها راكبي المحفات من لفح الشمس بينما كان على اخرين أن يتخذوا من أجنحة الاوز مراوح تلطف الجو للراكبين.
“لم يهتز للاسبان طرف وهم يطعنون عشرات الهنود ولم تهتز ضمائرهم وهم يقتطعون من أجساد الهنود شرائح كي يختبروا بها مدى حدة نصالهم… تقابل ولدان من الذين يسمون أنفسهم مسيحيين مع ولدين هنديين يحمل كل منهما ببغاء فما كان من الولدين المسيحيين الا أن أخذا الببغاءين لنفسيهما وعلى سبيل التسرية والمزاح قاما بضرب عنقي الولدين الهنديين.”
وسخر زن من سذاجة الفكرة القائلة ان ارتكاب “الفظائع” ضرورة وثمن كان لابد من دفعه من أجل التقدم.
وقال ان البريطانيين أيضا قرروا ابادة الهنود حين عجزوا عن استعبادهم أو العيش معهم منذ العام الاول لوجود الرجل الابيض في فرجينيا (1607).
وأضاف أنهم استوطنوا جنوبي ما يعرف الان بولاية كونيتيكت وكانوا يتفننون في وسائل ابعاد الهنود حتى لو ارتكبوا المذابح أو حرقوهم في أكواخهم وذات مرة كان نصيب من هربوا من النيران هو القتل بالسيف حتى صار بعضهم مجرد أشلاء. ووصف معاصر لتلك المذبحة أن “النصر بدا كفداء جميل وتم تقديم الشكر الى الرب الذي كان عونا عظيما ورائعا… وكما جاء في مذكرات عالم اللاهوت البيوريتاني الدكتور كوتون ماثر (أنه) يفترض أن عدد من ذهبوا الى نار جهنم في ذلك اليوم لا يقل عن ستمئة.”
وذكر المؤلف أن عدد الهنود الحمر عام 1492 بلغ 75 مليونا منهم 25 مليونا تقريبا في أمريكا الشمالية وأنه “قبل مجيء المسيح بألف عام وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تشيد فنا ومعمارا عظيمين كان هنود نيو مكسيكو يشيدون القرى والمباني. وبمجيء زمن يوليوس قيصر والمسيح قامت في منطقة وادي أوهايو حضارة من أطلق عليهم بناة الروابي… بلغ ارتفاع احدى الروابي مئة قدم وتكبر قاعدتها المثلثة عن قاعدة هرم مصر الاكبر.”
وانتهى المؤلف الى أن “كولومبس وأتباعه لم ينزلوا أرضا خالية لكنهم نزلوا عالما تساوي الكثافة السكانية في بعض مناطقه مثيلتها في أوروبا وهبطوا عالما ذا ثقافة مركبة حيث العلاقات الانسانية أكثر مساواة من أوروبا.”
وأضاف أن هايتي كانت قاعدة لاصطياد الهنود الذين ملئت بهم سفن عائدة الى اسبانيا حيث كانوا يعرضون “للبيع في مزاد أشرف عليه الشمامسة… وكتب كولومبس.. دعونا باسم الثالوث المقدس نستمر في ارسال ما نستطيع بيعه من العبيد.”
وأشار زن الى أنه “خلال عامين مات حوالي نصف سكان الهنود في هايتي وعددهم الاصلي 250 ألف نسمة اما عن طريق القتل أو الانتحار. كان يتم تسخيرهم بوحشية في ضياع شاسعة. وبحلول عام 1650 لم يعد على الجزيرة أحد من هنود أراواك الاصليين” بعد أن كانوا عددهم ربع مليون نسمة.
وأشار المؤرخ الامريكي الى أنه حصل على معلوماته عما حدث في جزر الكاريبي بعد وصول كولومبس مما كتبه لاس كاساس وهو قس شاب شارك في غزو كوبا ثم تخلى عن مزرعة له كان يعمل فيها عبيد هنود “وأصبح ناقدا حادا للوحشية الاسبانية … هو المصدر الوحيد بشأن أمور كثيرة. وبدأ وهو في الخمسينيات من عمره في كتابة مؤلفه ذي المجلدات العديدة (تاريخ الجزر الهندية).”
ونقل المؤلف عن كاساس وصفه لكولومبس انه “كان متهورا الى حد العمى وكذلك من أتوا بعده. لقد كان همه أن يسعد الملك (في اسبانيا) فارتكب ما لا يغتفر من الجرائم في حق الهنود… كانوا (الاسبان) يرفضون السير على أقدامهم حتى لو لمسافات قصيرة فيتخذون من ظهور الهنود مطايا أو يجلسون على محفات يتناوب الهنود حملها وكان على نفر من الهنود أن يحملوا فروعا من الشجر كثيفة الاوراق يحمون بها راكبي المحفات من لفح الشمس بينما كان على اخرين أن يتخذوا من أجنحة الاوز مراوح تلطف الجو للراكبين.
“لم يهتز للاسبان طرف وهم يطعنون عشرات الهنود ولم تهتز ضمائرهم وهم يقتطعون من أجساد الهنود شرائح كي يختبروا بها مدى حدة نصالهم… تقابل ولدان من الذين يسمون أنفسهم مسيحيين مع ولدين هنديين يحمل كل منهما ببغاء فما كان من الولدين المسيحيين الا أن أخذا الببغاءين لنفسيهما وعلى سبيل التسرية والمزاح قاما بضرب عنقي الولدين الهنديين.”
وسخر زن من سذاجة الفكرة القائلة ان ارتكاب “الفظائع” ضرورة وثمن كان لابد من دفعه من أجل التقدم.
وقال ان البريطانيين أيضا قرروا ابادة الهنود حين عجزوا عن استعبادهم أو العيش معهم منذ العام الاول لوجود الرجل الابيض في فرجينيا (1607).
وأضاف أنهم استوطنوا جنوبي ما يعرف الان بولاية كونيتيكت وكانوا يتفننون في وسائل ابعاد الهنود حتى لو ارتكبوا المذابح أو حرقوهم في أكواخهم وذات مرة كان نصيب من هربوا من النيران هو القتل بالسيف حتى صار بعضهم مجرد أشلاء. ووصف معاصر لتلك المذبحة أن “النصر بدا كفداء جميل وتم تقديم الشكر الى الرب الذي كان عونا عظيما ورائعا… وكما جاء في مذكرات عالم اللاهوت البيوريتاني الدكتور كوتون ماثر (أنه) يفترض أن عدد من ذهبوا الى نار جهنم في ذلك اليوم لا يقل عن ستمئة.”
وذكر المؤلف أن عدد الهنود الحمر عام 1492 بلغ 75 مليونا منهم 25 مليونا تقريبا في أمريكا الشمالية وأنه “قبل مجيء المسيح بألف عام وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تشيد فنا ومعمارا عظيمين كان هنود نيو مكسيكو يشيدون القرى والمباني. وبمجيء زمن يوليوس قيصر والمسيح قامت في منطقة وادي أوهايو حضارة من أطلق عليهم بناة الروابي… بلغ ارتفاع احدى الروابي مئة قدم وتكبر قاعدتها المثلثة عن قاعدة هرم مصر الاكبر.”
وانتهى المؤلف الى أن “كولومبس وأتباعه لم ينزلوا أرضا خالية لكنهم نزلوا عالما تساوي الكثافة السكانية في بعض مناطقه مثيلتها في أوروبا وهبطوا عالما ذا ثقافة مركبة حيث العلاقات الانسانية أكثر مساواة من أوروبا.”
فبعد 500 سنة من الاكتشاف الرسمى لم يتبق من اهل البلاد الاصليين سوى 200 ألف فى البرازيل، 140 ألف فى حماية التونا( جماعة تشى جيفارا)، 150 ألف هندى فى الولايات المتحدة ، 500 الف فى كندا يعيشون فى الاقامات الجبرية. 150 ألف فى كولومبيا، 250 ألف فى الاكوادور، 600 الف فى جواتيمالا، 800 ألف فى المكسيك ، وعشرة ملايين فى البيرو
بينما تذكر المصادر المتحفظة عن الوجود الهندي عند اكتشاف الامريكتين أنه:
ـ كان يوجد 100 مليون هندى يتكلمون 200 لغة.
ـ ويقدر عدد الأنكا منهم بحوالى 12 مليونا ً اضافة الى 25 مليون نسمة يعيشون فى محيطالمكسيك، وحوالى 6 ملايين هندى فى البرازيل ..
لقد ظلت أجيال الهنود الحمر تردد عبارة شهيرة تقول 😦 الهندى الجيد هو الهندى الميت) .
تلك صورة نتوقف عندها قليلا ًَ وهى صورة تمثل العالم الجديد قبل وبعد الاكتشاف الرسمى الذى يمثل بداية لمجموعة كبيرة من المجازر الدموية التى لم يشهد لها العالم مثيلا من ذى قبل، وأبرز ما فى هذة المجازر هو خيانة العهود والغدر بالسكان الاصليين ..
حول تاريخ الإسلام في أمريكا الجنوبية
(…ولكن الكتلة الكبرى والأهم من الرقيق كانت من المجموعات المسلمة في غرب أفريقيا……من هذه المجموعات البانتو البارعون في الزراعة، والصناعات الرعوية والذين تعتمد السمعة الاجتماعية لديهم على امتلاك القطعان لا الأرض، وأدواتهم من الحديد والخشب، ولديهم تعدد الأزواج. كما أن لديهم لغتهم الخاصة (البانتو) ولديهم رفم الإسلام، الإيمان بالأرواح…) ص26-27، الأدب في البرازيل، د. شاكر مصطفى، سلسلة عالم المعرفة، عدد 101، شعبان 1406- مايو 1986م.
ثم يقول (… بلغوا من القوة أنهم قاموا بعدة ثورات إسلامية تحررية، كان من أهمها تجمع المتمردين منهم، في القرن السابع عشر، في بالماريس بشمال البرازيل حيث كون الآبقون ما يسمى بجمهورية (بالماريس) وأقاموا لها جميع أجهزة الدولة ذات السيادة السياسية والدينية. وكانت هذه الجمهورية تغري بدينها الإسلامي وبقربها وزنجيتها العبيد الناقمين بأن يأبقوا إليها. واستعانت السلطات البرتغالية بجميع القوى الحربية في الشمال، ومع ذلك فلم تستطع تدمير هذه الجمهورية المتمردة إلا بعد مقاومة طويلة، وبعد أن جيء برجال الحدود من مقاطعة باوليستا (سان باولو) في الجنوب وانفعوا أمام المتاريس…) ص28،الأدب في البرازيل
ويتابع: “..وظلت الثورات تتكرر. لكن آخرها كان تلك الثورة الشاملة التي قامت سنة 1835 في باهيا.. كان الإسلام قد عشش وتفرع وقوي في عتمة الأكواخ (السنزالا) وكان العبيد قد بلغوا من الشكيمة في أنفسهم، ومن القوة بدينهم، ومن الاعتداد بكثرتهم، الدرجة التي قرروا فيها الثورة. قادهم فيها الشيوخ الذي يقبعون معهم في العتمة المنبوذة، وتعاون فيها أبناء الهاوسة مع الفولا واليوروبا والناغو والايوه والكيجة.. كان المسلمون وشيوخهم من هؤلاء يمثلون نوعاً من الارستقراطية بين زنوج الأكواخ (السنزالا). وهم الذي وجهوا الثورة وقادوها. جاؤوا مؤدبين ووعاظاً وأئمة صلاة وعلمي دين، وكانوا في معظمهم من ممالك البورنو وسوكوتو وغاندو ذوات التنظيم السياسي المتقدم، والأدب الديني الإسلامي الكامل، ولهم مؤلفاتهم المحلية باللغة العربية، وفنهم القوي الأصيل الذي لا يقارن بتفاهات البرتغاليين. ولهذا لم يكن في استطاعتهم أن يستسيغوا العبودية للبرتغاليين…” ص28-29.
ثم يقول عن ثورة 1835، وعن دور المسلمين فيها: “…كان الزنوج يضعون القرآن ويقيمون الصلوات، متحدين بذلك أسيادهم البيض الذين كانوا يرقبونهم من النوافذ من أعالي البيوت. وكانوا يهاجمون القداس الكاثوليكي معلنين أنه ليس أكثر من عبادة لقطعة من الخشب. وكانوا يرفعون مسابحهم ذات ال99 حبة من الخشب، والمنتهية بطرة وكرة صغيرة، في وجه المسابح التي تحمل الصليب…” ص29
يبدو أننا أمام مأساة للمسلمين لا تقل عن مأساة الأندلس
و العرب شاركوا في الاكتشاف
كما أثبت الدكتور سيمون الحايك في كتابه : (و العرب شاركوا في الاكتشاف ) ـ المطبوع عام 1991م ـ أن رحلة اكتشاف امريكا كانت عن طريق مساجين عرب قاموا بدلالة كولومبس إلى الاكتشاف الكبير .
و فيه تفاصيل دقيقة لا يمكن التنبيه عليها في هذه النبذة ، وهو على هذا الرابط:
http://www.4shared.com/file/32182936/d4500929/____.html
من الآثار الغريبة التي وقفت عليها ما ذكره أبو الشيخ في كتاب العظمة والخلال في الحث على التجارة
921 – حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب ، حدثنا عباس الدوري ، حدثنا يحيى بن معين ، حدثنا علي بن ثابت ، حدثنا القاسم بن سلمان ، قال : سمعت الشعبي ، رحمه الله تعالى ، يقول :
« إن لله عز وجل عبادا من وراء الأندلس كما بيننا وبين الأندلس ، ما يرون أن الله تعالى عصاه مخلوق ، رضراضهم الدر والياقوت ، جبالهم الذهب والفضة ، لا يحرثون ، ولا يزرعون ، ولا يعملون عملا ، لهم شجر على أبوابهم لها ثمر هي طعامهم ، وشجر لها أوراق عراض هي لباسهم »
العمانيون هم الذين اكتشفوا أمريكا وليس كريستوفر كولومبوس!
اُسْتضفتُ هناك لألقي محاضرة بمناسبة مهرجان الموسيقي الاتنية “La musica ethnica” الذي ينظّم في هذه المدينة كلّ سنة في مثل هذا الشهر. ألقيت محاضرة أمام جمهور أغلبه من الايطاليين حول تأثير البحر والبحّارة في بعض الأنماط الموسيقية المحلية الشعبية بالساحل التونسي، غير أنّ الأسئلة التي طرحت عليّ مع نهاية المحاضرة اضطرّتني للخوض في علاقة العرب بالبحر عبر التاريخ وإسهاماتهم في اكتشاف عالم البحار وفي إبداع ما يمكن أن نصطلح عليه بثقافة البحر، ما دفعني ذلك هو ارتباط العرب في ذهن بعض الحاضرين من غير المختصين بالصحراء وكأنّ لا علاقة لهم بالبحر !
ما جعلني أعود إلى هذه المسألة اليوم هو إعدادنا في إطار الجمعية الايطالية لأصدقاء الثقافة والحضارة العربية الاسلامية لملتقي حول البحر باعتباره جسرا للتواصل الثقافي بين أوروبا والعالم العربي وفكرة إنجاز هذا الملتقى قد انبثقت في الحقيقة من النقاش الذي أثارته هذه المحاضرة منذ ثلاث سنوات حول علاقة العرب بالبحر.
يومها تفاجأ الحاضرون عندما ذهبت إلى القول بأن البحارة العمانيين هم الذين اكتشفوا أمريكا وليس كريستوفر كولومبس. اعتقد البعض يومها أنني أمزح! غير أنّه سرعان ما انكشفت جدّيتي، بحيث أشرت إلى الجدل الذي انطلق في أواخر القرن الماضي بالولايات المتحدة الأمريكية وكنت شاهدا عليه لمّا كنت زائرا بجامعة نيويورك حول اكتشاف القارة الأمريكية بمناسبة مرور خمسمائة سنة على ذلك.
ذهب البعض إلى أن كريستوفر كولومبس ما كان باستطاعته أن يكتشف القارة الأمريكية لولا خرائط الملاحين العمانيين الذين تركوها بخزانة قرطبة وعثر عليها هناك بعد سقوط الأندلس سنة 1492 ميلاديا. هناك من ذهب إلى أبعد من ذلك بالقول أنّ الملاحين العرب العمانيين انطلاقا من الأندلس قد وطأت أقدامهم أرض أمريكا قبل كولومبس بكثير وإلاّ لما كان بإمكانهم رسم الخرائط التي بإمكانها أن تهديه إلى القارة الجديدة لكنهم على ما يبدو، لم يعيروا هذه الأرض الجديدة أيّ اهتمام.
كان هذا الرأي، في الحقيقة، خجولا، محتشما ولكن أهميته تكمن في أنّه أعاد طرح السؤال حول تاريخ أمريكا، حول مدى واقعية اكتشاف كولمبس لها وأسطوريته علاوة على طرحه المساءلة الابستيمولوجية التي تؤرّق علم التاريخ وموضوعيته. من يكتب التاريخ؟ وهل يمكن انتشاله من الأقوياء المهيمنين المشرفين على كتابته في كلّ عصر.
انخرطت بنفسي في هذا الجدال في نيويورك ذات مساء من نوفمبر 1999 في المعهد الجديد للدراسات الاجتماعية “New school for social resarchs” معتمدا في ذلك على مرجع غربي هو كتاب للمؤرخ الفرنسي بول فاين “Paul Vegne” تلميذ الفيلسوف الشهير ميشال فوكو “Michel Foucault” وعنوانه “كيف اعتقد الاغريق في أسطورتهم “Comment les Crecs ont-ils cru a leur mythe” اجتهد فيه لإبراز التداخل بين الحقيقي / الواقعي والأسطوري الخيالي في صنع الحضارة اليونانية وتفوقّها. هناك قرائن كثيرة تدلّ على أن الملاّحة العمانيين قد يكونون فعلا وراء اكتشاف أمريكا إن لم يكن هم الذين اكتشفوها حقيقة وهذا ما ينبغي البحث فيه من أهل الاختصاص.
كلّ الدلائل تشير أنّ الخليج هو بحق مهد الملاحة البحرية في العالم حيث بدأ الإنسان منذ أربعة ألاف السنين قبل الميلاد يحاول اقتحام البحر وترويضه وتطويعه لإرادته. وكان العمانيون منذ هذه الفترة يسكنون المنطقة التي أطلق عليها السومريون تسمية مجان وساهموا من هذا الموقع في دفع الملاحة البحرية إلى أرقى درجات تطورها وأقاموا علاقات منتظمة مع شعوب بعيدة لا يصلهم بها إلاّ البحر.
لقد قدّمت اللّوحات السومرية والأكادية التي وقع العثور عليها في ما كان يسمّى قبل أربعة آلاف سنة ببلاد ما بين النهرين معلومات ثمينة تدلّ على مساهمة العمانيين آنذاك الأساسية والفاعلة في تطوير التجارة انطلاقا من مجّان دون إغفال دور دلمون التي أثبتت الحفريات أنها بلاد البحرين اليوم في ربط الصلة بين أصقاع آسيا المتباعدة والمترامية الأطراف. ولا غرابة إذن أن تذكر حضارة مجان “عمان اليوم” في إحدى لوحات بابل القديمة يعود تاريخها إلى 2300 عام قبل الميلاد وأن يذكرها سارجون – ملك آكاد – وأوّل إمبراطور في التاريخ معبّرا عن افتخاره واعتزازه بها.
أمّا في العصر الإسلامي فيسجّل التاريخ أنّ عثمان بن أبي العاص قد استعان بالقوّة البحرية العمانية سنة 16 هـ / 636 م عندما انطلق من صحار ومسقط بحملة ناجحة على ساحل الهند الغربي، هذه القوّة التي بدأت شيئا فشيئا تحلّ محلّ الفرس في القرن الثاني للهجرة أي منتصف القرن الثامن للميلاد حيث تذكر المصادر التاريخيّة أنّ أوّل عربي قام برحلة إلى الصين هو تاجر عماني يدعى أبو عبيدة عبد الله بن القاسم وكان ذلك حوالي عام 133 هـ / 750 م ليشتري الصبار والأخشاب وما أن جاء القرن الرابع الهجري حتّى بسط الملاحون العمانيون نفوذهم على التجارة البحريّة مع الشرق الأقصى وإفريقيا الشرقية بسطا كاملا ويذكر المسعودي صاحب “مروج الذهب” الذي شارك الملاحين العمانيين في بعض رحلاتهم التجارية في أقاصي الشرق أنّ السفن العمانية كانت ترتاد بحار الصين والهند والسند وأفريقيا الشرقية واليمن والبحر الأحمر والحبشة ويذهب إلى أنّ الملاحين العمانيين هم الذين أبدعوا القصص والحكايات التي تولّدت عنها قصص السندباد البحري الشهيرة التي أصبحت الآن جزء من التراث العالمي.
وإذا كان المجال لا يسمح بعرض الإنجازات التقنية النوعية التي أضافها الملاحة العمانيون إلى وسائل الاستكشاف والمواصلات البحرية مثل تطويرهم للإبرة المغناطيسية الصينية والتي كانت نتيجة اجتهادات علماء الفلك العرب في القرنين الثالث والرابع هجريا، ما مكن من صنع أجهزة دقيقة كالإسطرلاب فإنّه لا بدّ من الإشارة إلى عبقرية أحد أهمّ علماء البحر في كلّ العصور هو الملاح العماني شهاب الدين أحمد بن ماجد صاحب كتاب “الفوائد في أصول البحر والقواعد” الذي استنجد به البرتغالي فاسكو دي جاما في القرن العاشر هجريا لِمَا وجده عنده من معرفة علمية دقيقة ليصاحبه مرشدا وقائدا لرحلته البحرية الشهيرة التى تعتبر أوّل رحلة تتم عبر المحيط بين أوروبا والهند.
فهل أنّ العمانيين الذين قادوا فاسكو دي جاما إلى الهند هم أنفسهم الذين قادوا كريستوف كولومبس إلى أمريكا إن لم يكن مباشرة فعن طريق الخرائط التي تركوها في خزانة قرطبة بعد سقوط العرب في الأندلس؟.
ليس ذلك مستبعدا – المسألة أثيرت باحتشام ولكن الضرورة العلمية والحضارية تستوجب إعادة فتح خزائن قرطبة والمكتبة الوطنية الاسبانية من جديد اقتفاء لخطوات كولومبس البحرية نحو أمريكا. من وجّهها وما هي البوصلة الحقيقية التي قادته إلى هنالك.
أخبار العالم http://www.akhbaralaalam.net/news_detail.php?id=20783
الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومبوس”–للدكتور يوسف مروة رحمه الله
مارس 24, 2009 في 12:13 م (أقرؤا التاريخ فإن فيه العبر)
قبل كريستوف كولومبوس
Pre Columbian Muslims in the Americas
بقلم الدكتور: يوسف مروة
ترجمه للعربية: الشريف محمد حمزة الكتاني
مقالة تحت عنوان “الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومبوس”، للدكتور يوسف مروة رحمه الله، كان نشره بمناسبة كذبة مرور خمسمائة عام على اكتشاف أمريكا، وهو دراسة مهمة وقيمة جدا، كنت ترجمته من اللغة الإنجليزية للغة العربية، نرجو من الأخوة الأحباب نشرها والإفادة بها…
والله من وراء القصد..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه
المقدمة
الوجود الإسلامي في الأمريكتين قبل كريستوف كولومبوس
تشير براهين عدة إلى أن المسلمين قدموا من إسبانيا وغرب إفريقيا إلى الأمريكتين خمسة قرون على الأقل قبل كريستوف كولومبوس، وقد سجل التاريخ – مثلا- أن في منتصف القرن العشرين – الميلادي – في زمن الخليفة الأموي عبد الرحمن الثالث ( 929 – 961م) أبحر مسلمون من أصول إفريقية من الميناء الإسباني ديلبا (بالوس) إلى (بحر الظلمات والضباب)(1). ثم رجعوا بعد غيبة طويلة بغنائم كثيرة من أرض غريبة وبعيدة.
وكذلك سجل التاريخ أن مجموعة من الناس ذوي الأصول الإسلامية صاحبوا كولومبوس ومجموعة من المستكشفين الإسبان إلى العالم الجديد، وقد كان آخر معقل للمسلمين في إسبانيا (غرناطة) التي سقطت عام (1492م) قبل فترة قليلة من صدور الاستكشافية الإسبانية، حيث مجموعة من غير النصارى هربوا من الضيق الملقى عليهم، ومنهم من أظهر الاعتناق بالنصرانية من أجل ذلك.
توجد وثيقتان اثنتان على الأقل تثبتان الوجود الإسلامي في أمريكا الإسبانية قبل عام (1550م) لأجل القرار الذي كان عام (1539م) من قبل كارلوس الخامس ملك إسبانيا، الذي أرغم أبناء المسلمين الذين أعدموا حرقا على الذهاب إلى أراضي إنديز الغربية (West Indies)، هذا القرار صودق عليه عام (1543م) وبذلك تم ترحيل جميع المسلمين من السواحل الإسبانية.
كما أن عدة مراجع تثبت الدخول الإسلامي إلى أمريكا قبل ذلك، ويمكن اختصارها في ما يلي:
أ – الوثائق التاريخية:
1- المؤرخ والجغرافي المسلم أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي (871 – 957م) كتب في كتابه “مروج الذهب ومعدن الجواهر” أن في حكم الخليفة المسلم لإسبانيا عبد الله بن محمد ( 888 – 912م) أبحر ملاح مسلم قرطبي اسمه الخشخاش بن الأسود من دلبا (بالوس) في عام (889م) واجتاز المحيط الأطلسي الى أن بلغ أرضا مجهولة وعاد بكنوز غالية ثمينة. وفي خريطة المسعودي هناك أرض كبيرة في بحر الظلمات و الضباب أشار لها بأنها: الأرض المجهولة.(1)
2- المؤرخ المسلم أبو بكر بن عمر القوطية، ذكر أنه أثناء مملكة الخليفة المسلم لإسبانيا هشام الثاني (976 – 1009م) أبحر رحالة مسلم آخر هو أبو فروخ الغرناطي، من قادس في فبراير عام 999م إلى المحيط الأطلسي حتى نزل بـ: غاندو Gando (من جزر كناري الكبرى) ثم أتم إبحاره غربا إلى أن رأى وسمى جزيرتين هما كابراريا ((Capraria وبلويتانا (Pluitana) ثم عاد إلى إسبانيا في مايو من عام (999م)..(2)
3-كولومبس أبحر من بالوس Palos (بديلبا)، بإسبانيا ووصل إلى غميرة (Gomera) من الجزر الكناري، وغميرة هي بالعربية تصغير للغمر وجمعها: الأغمار، وهم القوم الذين يهوون المشاكل والفتن.
هناك وقع كلومبوس في غرام مع بترز بوباديللا. Petriz Bobadella بنت القائد العام للجزيرة.
الإسم العائلي بوباديلاه جاء من الإسم العربي الإسلامي: أبو عبد الله.
آخر من رجالات بيت بوباديلاه هو (فرنسيسكو) وهو مندوب الملك، ربط كولومبوس في الأغلال وأرسله من سانتو دومينكو رجوعا إلى إسبانيا في نوفمبر عام (1500م).
وقد كانت لعائلة بوباديللا علاقة بالأسرة الحاكمة (العبادية) التي كانت في إشبيلية (1031- 1091م).
وفي الثاني عشر من أكتوبر عام (1492م) نزل كلومبوس في جزيرة صغيرة في الباهماس، كان اسمها غوان هاني (Guana Hani)، بمساعدة السكان الأصليين لتلك المنطقة، ثم غير اسمها إلى سان سالفادور (San Salvador).
لفظة (غوانا هاني) أتت من الماندينكا (Mandinka)، وهي مكونة من الألفاظ العربية (غوانا) إخوانا، أي: إخوان. وهاني: اسم عربي، فاسم البلدة كان ( إخوان هانيء).(11)
وقد كتب فيرديناندو كولومبوس – ابن كريستوف كولومبوس – عن السود الذين رآهم والده في الهندوراس قائلا:
“الناس الذي يعيشون أقصى شرق نقطة كافيناس (Pointe Cavinas)، كما أهل كاب غراسيوس أديوس (Cape Gracios adios) سود كليا. وفي نفس الوقت في هذه المنطقة تعيش قبيلة مسلمة من السكان الأصليين تسمى المامي (Al Mamy)”.
وفي لغة الماندينكا واللغة العربية ( Al Mamay) فيها استقاء من لفظة الإمام أو الإمامُ (Al IMAMU) قائد المصلين، أو أحيانا زعيم الطائفة أو الأمة، بل أحيانا تطلق على فرد من الطائفة الإمامية الشيعية.(12).
4- ذكر المؤرخ واللغوي الأمريكي المشهور ليو وينر (Leo Weiner) من جامعة هارفارد، في كتابه “إفريقيا واكتشاف أمريكا” الذي طبع عام 1920 (Africa and the Discover of America) أن كلومبوس كان على علم بوجود أقوام الماندينكا في العالم الجديد، وأن مسلمي غرب إفريقيا كانوا منتشرين في منطقة الكارايبي، في وسط وجنوب وشمال الأراضي الأمريكية، بما في ذلك كندا، حيث كانوا يتاجرون بل ويتزاوجون مع أقوام الإيروكويس (Iroquois) والألكونكوين (Algonquin) الهنديين.(13).
ب – الاستكشافات الجغرافية:
1- ذكر الجغرافي و الخرائطي المسلم المشهور الشريف الإدريسي ( 1099- 1166 م) في كتاب المشهور: “نزهة المشتاق في اختراق الأفاق” أن مجموعة من الملاحين من شمال إفريقيا أبحروا نحو بحر الظلمات والضباب من لشبونة (البرتغال) ليستكشفوا ماذا يحتوي وما هي حدوده، حيث وصلوا إلى جزيرة في عمق البحر بها أناس وحضارة، وفي اليوم الرابع جاءهم مترجم خاطبهم باللغة العربية (3).
2- أشارت المراجع الإسلامية بوثائق ومعلومات تفصيلية عن الرحلة التي قام بها الشيخ زين الدين علي بن فضل المزندراني، عبر بحر الظلمات والضباب، تلك الرحلة التي ابتدأت من طرفاية (جنوب المغرب) أثناء مملكة السلطان أبي يعقوب يوسف (1286 – 1307م ) سادس الأسر المرينية الحاكمة، إلى جزيرة خضراء في البحر الكارايبي أثناء عام 1291 (690 هجرية) وتفاصيل رحلته مذكورة في المراجع الإسلامية، وكثير من العلماء المسلمين على علم بهذه الأحداث التاريخية المدونة عن هذه الرحلة. (4).
3- المؤرخ المسلم شهاب الدين أبو العباس أحمد بن فضل العمري (1300-1384 م / 700-786هجرية) تقصى بالتفصيل في كتابه “مسالك الأبصار في ممالك الأمصار” الرحلات الاستكشافية الجغرافية في بحر الظلمات والضباب التي قام بها ملوك مالي.(5).
4- السلطان مانسوكا نكان موسى (1312-1337م) كان أشهر ملوك الماندينكا المعروف عالميا، التابع لإمبراطورية مالي الإسلامية، عندما سافر إلى مكة في حجه الشهير عام 1324م، أخبر علماء حوزة سلطان المماليك البحرية الناصر، ناصر الذين محمد الثالث (1309 –1940م) في القاهرة، أن أخاه السلطان أبا البكاري الأور (1285 –1312م) أرسل حملتين إلى المحيط الأطلسي. وعندما لم يرجع السلطان الى تمبكتو في رحلته الثانية عام (1311م)، أصبح أخوه مانسو موسى سلطان الإمبراطورية بعده.(6).
5- كولوبوس والاستكشافيون الاسبانيون والبرتغاليون الأوائل لم يستطيعوا عبور المحيط الأطلسي إلى عمق (2400 كلم) إلا بمساعدة والاعتماد على معلومات الجغرافيين والملاحين المسلمين، وعن طريق عدة خرائط لهم، من ضمنها خريطة المسعودي (875 –957م) المضمنة في كتابه “أخبار الزمان”، الذي جمعت مادته من آسيا وإفريقيا.(9)
وكذلك فإن كولومبوس كان له قبطانان ذوا أصل مسلم في رحتله الأولى عبر المحيط الأطلسي:
– مارتن ألونسو بنزون Martin Alonso Pinzon كان قائد البحرية بينتا (PINTA).
– وأخوه فايسينتي يانز بنزون Vicente Yanez Pinzon الذي كان قائد البحرية نينا (NINA).
وقد كانا غنيين خبيرين أتيا بمجهزي السفن الذين ساعدوا على تنظيم استكشافية كولومبوس، وجهزا بارجته المسماة القديسة ماريا ( SANTA MARIA)، وقد ساعداه على نفقتهما الخاصة لأسبابهما التجارية والسياسية.
و عائلة البنزون (Pinzon) كانت لها علاقة بأبي زيان محمد الثالث ( 1362 – 1366م) ملك الدولة المرينية في المغرب ( 1196-1465). (10).
ج – النقوش والزخارف العربية (الإسلامية):
1- الإنتروبولوجيون وجدوا أن الماندينكيين طبقا لتعليمات مانسا موسا (Mansa Musa) اكتشفوا عدة مناطق في شمال أمريكا على طريق المسيسيبي وأنهار أخرى، وعلى الزوايا الأربع من (أريزونا) كتابات تدل كذلك على أنهم أحضرو فيلة من إفريقيا إلى تلك الناحية.(7).
2- ذكر كلومبوس في أوراقه أن في الإثنين 21 من أكتوبر لعام (1492م) عندما كانت سفينة مبحرة قريبا من جيبارا (Gibara) الساحل الشمالي الشرقي لكوبا، رأى مسجدا على قمة جبل جميل.
وأطلال المساجد والمآذن مع كتابات من القرآن الكريم وجدت في كوبا والمكسيك والتكساس ونيفادا (8).
3- أثناء رحلة كولومبوس الثانية الثانية أخبره هنود إسبانولا (هايتي) ESPANOLA، أن أناسا “سودا” جاؤوا الى الجزيرة، قبل وصوله، ولإثبات ذلك أحضروا له رماحا لهؤلاء المسلمين السود.
تلك الرماح كانت رؤوسها مغطاة بمعدن أصفر كان يسميه الهنود الحمر (غواني) Guanin، وهي كلمة أتت من غرب إفريقيا تعني: الذهب المخلوط بمعادن أخرى، بل الأغرب أن لها علاقة بالكلمة العربية (غناء) الذي يعني كثرة المال و غزارته.
بعد ذلك أحضر كولومبوس عينة من “الغوانين” إلى إسبانيا، ففحصت ووجد أنها احتوت على 18 جزءا من الذهب (56,25%) وستة أجزاء من الفضة (18,75%) وثمانية أجزاء من النحاس (%15)، وهي نفس النسبة التي توجد في المعادن الإفريقية في غينيا(14).
4- في عام (1498م) أثناء رحلة كلومبوس الثالثة إلى العالم الجديد، نزل في ترينيداد (Trinidad)، ثم حل بقارة أمريكا الشمالية، حيث ذهبت ثلة من جماعته المسلحة عبر الساحل، ورأت نساء بلديات يلبسن أغطية للرأس ملونة ومنسوجة بالقطن المتناسق. وقد أشار كلوبوس الى أن تلك الأغطية تشبه في ألوانها أغطية الرأس والمأزر التي يرتديها الغينيون. بل كذلك في طريقة لباسها وأغراضها. وقد أسماها المايزرات(AMAYZARS)، والميزار المأزر كلمة عربية تشير إلى التنانير والأغطية والفساتين التي كان يلبسها المورو(Moros) (وهم مسلوا إسبانيا وشمال إفريقيا).. وقد جاءت من غرب إفريقيا (غينيا) إلى المغرب وإسبانيا والبرتغال.
أثناء هذه الرحلة اندهش كولومبوس عندما رآى البلديات المتزوجات يلبسن (سراويل قطنية قصيرة) البراكاس (Bragas) واستغرب من أين تعلمن ذلك اللباس.
الفاتح الإسباني هرنان كورتس (Hernan Cortes)، وصف لباس المرأة الهندية بأنه (مثل الحجاب الطويل، ولباس الرجل الهندي تشبه المئزر، مصبوغة على هيئة الألبسة المورية (المغربية) ( الفضفاضة).
وقد وصف فردينادز كولومبوس الكساءات البلدية القطنية بقول: “بنطلونات واسعة على نفس هيئة ولباس الشالات الذي ترتديه النساء في غرناطة”.
حتى الشبه كان خارقا بين أرجوحات الأطفال الشبكية هناك بتلكم في شمال إفريقيا.(15).
5- ساق الدكتور باري فيل (Barry Fell) في جامعة هارفرد في كتابه “القصة الأمريكية” 1980(Saga America) ، براهين علمية تدعم الوصول الإسلامي إلى أمريكا قرونا قبل كريستوف كولومبوس في شمال وغرب إفريقيا.
حيث اكتشف الدكتور فيل وجود مدارس إسلامية في فالي أف فاير (Valley of Fire)، وألان سبرينغز (Allan Springs)، ولوغومارسينو(Logomarsino)، وكيهول (Keyhole)، وكانيون (Canyon)، وواشو (Washoe) وهيكيسون سوميت باس (Hickison Summit Pass) في نيفادا (Nevada) ، وميسا فردي (Mesa verde)، في كولورادو (Colorado)، وميمبرز فالي (Mimbers Vallez)في المكسيك الجديدة (NewMexico)، وتيبير كانو(Tipper Canoe) في ولاية إنديانا (Indiana) ترجع الى تاريخ (700 –800) للميلاد وجد منقوشا في الصخور في الغرب الحار الجاف لأمريكا نصوصا ورسومات بيانية وخرائط تمثل أطلالا من مجموعة مدارس ابتدائية ودراسات عليا، ولغة النقوش كانت اللغة العربية لشمال إفريقيا منقوشة بالخط الكوفي القديم.
وقد تضمنت العلوم المنقوشة: الكتابة والقراءة والحساب، والدين والتاريخ والجغرافيا، والرياضيات والفلك وعلم الملاحة.
وأصول الزوار المسلمين في شمال أمريكا كانت: الإيروكويس Iroquois، والألغونكين Algonquin والأناسازيون Anasazi، والهو هوكام Hohokam ، وكذلك ذوو الأصول الأولميكية .(16) (
lmec)
6- هناك 565 إسم لمناطق (قرى ومدن وجبال وأنهار وبحار). في الولايات المتحدة الأمريكية يوجد (484)، وفي كندا (81)، وكلها ذوات أصول إسلامية وعربية.
هذه الأسماء كانت سميت أصلا من لدى البلدين قبل وصول كولومبوس، وبعض هذه الأسماء لها معان مقدسة، مثل : مكة(Macca) (وبها 720 من السكان في ولاية إنديانا، وقبيلة مكة الهندية Makka Indian tribe) في ولاية واشنطن. والمدينة (Medina) بها 2100 من السكان في ولاية إداهو، والمدينة كذلك بها 8500 من السكان في ولاية نيويورك.
والمدينة بها 1100 من السكان، وحازن (Hazen) بها 500 آلاف من السكان في نورث داكوتا (North Dakota).
والمدينة أيضا وبها 17000 من السكان، والمدينة أخرى بها 120000 من السكان في آهيو(Ohèo).
والمدينة أيضا بها 1100 من السكان في تينيسي (Tonnesse) ، والمدينة بها 26000 من السكان في ولاية تكساس (Texas)، والمدينة بها 1200 من السكان في أونتاريو (Ontario)، وماحومت (Mahomet) بها 3200 من السكان في إلينوتس (ILLINOTS) ومنى (Mona) بها ألف من السكان في أوتاه ( UTAH). وأرفا بها 700 من السكان في أونتاريو (Ontario) … إلخ.
وهناك دراسات متخصصة في أسماء القرى الهندية –الأمريكية- العتيقة أظهرت أسماء عديدة لها جذور وأصول عربية وإسلامية.
مثلا أناسازي (Anasazi)، أباتشي (Apache)، أراواك (Arawak)، حوحوكام (Hohokam)، حوبا (Hopa)، حبي (Hopi)، ملة (Makkah)، محيقان (Mohigan)، محوق (Mhouk)، نازكا (Nazca)، زولو (Zulu)، زوني (Zuni)، أريكانا (Arikana)، شافين (Chavin)، شيلوركي (Chelorkee)، كري (Cree)…إلخ.
واعتمادا على ما ذكرته في المعلومات التاريخية والجغرافية واللغوية، فإني أدعو إلى الاحتفال بالذكرى الألفية الأولى لدخول المسلمين إلى الأمريكيتين، خمسة قرون قبل كولومبوس، أدعو جميع الدول وكذلك الأقليات الإسلامية حول العالم، ونتمنى أن يجد هذا النداء فهما تاما وإدراكا كافيا، ويجذب دعما كاف منهم….
1 – أنظر المرجع (٤).
2- أنظر المرجع (٩).
3- أنظر المرجع (٣).
4- أنظر المراجع (١،٢، ٥).
5- أنظر المرجع (٦).
6- أنظر المرجع (١٤).
7- أنظر المرجع (21، 22).
8- أنظر المرجع (15).
9- أنظر المرجع (4).
10- انظر المرجع (15).
11- انظر المرجع (15).
12 – انظر المرجع (6).
13- انظر المرجع (20).
14- انظر المرجع (16).
15- أنظر المرجع (7).
16- أنظر المرجعين (12، 10).
المراجع :
1- أغا حكيم الميرزا. “رياض العلماء”، ج2ص386، وج4 ص175.
2- الأمين سعيد محسن. “أعيان الشيعة”، ج7 ص158، وج8 ص302، 303.
3- الإدريسي. “نزهة المشتاق في اختراق الآفاق”.
4- المسعودي. “مروج الذهب”. ج1 ص138.
5- الأصفهاني الراغب. “الداعية إلى محاسن الشيعة”، ج16 ص343.
6- CAUVET, GILES les berbères de L’Amérique. Paris 1912,p.100-101.
7- COLOMBOS, FERDINAND The life of admiral Christopher Columbus, Rutgers university. P232.
8- DAVIES, NIGEL Voyagers to the new world. New York 1979.
9- ON MANUEL OSUNAY SAVINON. Resumen de la geografia fisica. Santa GUZZ de Tenerife. 1844.
10- FELL, BARRY. Saga America New York 1980.
11- FELL, BARRY.America New York 1976.
12- GORDON, CYRUS. Before Columbus. N.Y 1971.
13- GYR, DONAID. Exploring rock art. Santa Barbara. 1989.
14- HUYGHE, PATRICK. Columbus was last. New York. 1992.
15- OBREGON, MAURICIO. The Columbus papers. The Barcelona letter of 1493. The land fall controversy and the Indian guides. Mc Millen co. N.Y 1990.
16- THACHER, JOHN BOYD. Christopher Columbus. New York 1950. p380.
17- VAN SETIMA, IVAN. Africa presence in early America. New Brunswick, N.J 1987.
18- VAN SETIMA, IVAN. They came before Columbus. N.Y 1979.
19- VON WUTHENAU, ALEX. Unexpected facts in ancient America. New York. 1975.
20- WEINER. LEO. Africa and the discovery of America. Philadelphia. 1920. vol.2, p.365-6.
21- WILKINS. H. T. Mysteries of ancient South America. N.Y 1974.
22- WITERS, CLYDE Ahmad. Islam in early north and south America. Al-ittihad. July 1977.p.60…
أمير البحر العثماني بيري رئيس: حياته وأعماله
مارس 24, 2009 في 12:10 م (أقرؤا التاريخ فإن فيه العبر)
مقدمة
دعنا نرحل معاً إلى بعض فترات الماضي. الوقفة الأولى في هذه الرحلة ستكون تركيا قبل ثلاثين سنة [1]حيث ظهرت هذه الدولة في الربع الأول من القرن الحالي بعد نهاية حرب الاستقلال، وهي الجمهورية التي أسسها كمال أتاتورك سنة 1923م [2] والتي أسست على أنقاض دولة “تركية” أخرى هي الدولة العثمانية (1299-1923). ولنأخذ سنة 1929م كوقفة ثانية، ولنذهب معاً إلى طوب قابي Top Kapi قصر السلاطين العثمانيين الواقع في أجمل أحياء استانبول والذي يدعى حي سراي بورنو Sarayburnu. إن هذا القصر المؤلف من عدة أبنية وكل بناء منها محاط بحديقة واسعة ليشهد مزايا مختلفة لكل فترة من فترات الحكم العثماني. لقد قررت الجمهورية التركية تحويل هذا القصر إلى متحف.
قصة اكتشاف خارطة أمريكا
في عام 1929 اكتشف مدير المتاحف الوطنية السيد خليل أدهم خارطة لم تكن معروفة حتى ذلك الوقت للعالم وذلك خلال عملية تصنيف الملفات في أبنية القصر. وعندما سمع أتاتورك بهذه الخارطة أبدى اهتماماً كبيراً بها، وطلب أن يؤتى بها إلى أنقرة، فدرسها ثم أمر بطباعتها ونشرها كما هي لتقدم للبحث العلمي. [3]
لقد رسمت هذه الخارطة منذ مئات السنين على جلد غزال مع أشكال وكتابات ملونة ومتنوعة، وعندما أمسكتها بيدي شعرت كما لو أني أعيش في الزمن الماضي. إن مشاعري الآن عمرها 24 سنة. ولكن دعنا نأخذ لمحة عن الفترة التي رسمت فيها هذه الخارطة وعن تاريخ الرجل الذي رسمها.
هذه الخارطة هي أقدم وأفضل خارطة رسمت بيد قبطان تركي؛ وإذ لم يكن عندك مانع فلننتقل إلى القرن السادس عشر. في هذه الوقفة الثالثة ستغطي رحلتنا مساحة كبيرة.
القوة البحرية للدولة العثمانية في القرن الخامس عشر والسادس عشر
في القرن الخامس عشر، وبالتحديد بعد فتح إستانبول، توسعت الدولة العثمانية إلى أن أصبحت إمبراطورية، ولكي تستطيع هذه الدولة تأمين سيطرتها على البحرين الأسود والأبيض كان عليها أن تمتلك قوة بحرية، وقد فعلت. ولكي يكون للعثمانيين اليد العليا في البحر الأبيض كان لزاما عليهم أن يحاربوا البندقيين، والجنويين وحليفهم التقليدي فرسان القديس يوحنا، بالإضافة إلى الإسبان. وقد نجحوا في مد سلطانهم إلى قرب فيينا في الغرب، وإلى القوقاز وإيران والعراق في الشرق، ونظرا لإضافة سورية ومصر وتونس والجزائر والحجاز والجزيرة العربية إلى ما فتحوه من قبل فقد شكلوا حلقة مغلقة على البحرين: الأسود والأبيض، بالإضافة إلى شواطئ الأدرياتي التي أضحت تحت الراية العثمانية و التي حملتها سفن الأسطول العثماني عبر البحر الأحمر والخليج العربي وبحر عمان إلى المحيط الهندي.
إن مجال نقاشنا الآن يدور حول أمير البحر بيري رئيس وحياته. لقد كان بيري من أعظم أمراء البحار كأمثال: بوراك رئيس، وكمال رئيس، ومصلح الدين رئيس، وبرباروس خير الدين، وتورغوت، وقلج أخ، والذين أحرزوا في نهاية القرن الخامس عشر وخلال القرن السادس عشر انتصارات رائعة للأسطول العثماني. وهم بذلك قد أرسوا دعائم القوة العثمانية في البحار وحافظوا عليها.
ترجمة بيري رئيس (1470-1554)
لا نعلم بالدقة تاريخ مولد بيري رئيس، ولنفترض أنه ولد ما بين عامي 1465 و 1470م. ولد بيري في مدينة غاليبولي الواقعة في شبه جزيرة غاليبولي على بحر مرمرة، والتي كانت تستخدم كقاعدة بحرية في ذلك الوقت. اسم بيري هو محي الدين بيري، ووالده هو حاجي محمد، وعمه أمير البحر المشهور آنئذ كمال رئيس. يقول المؤرخ العثماني ابن كمال عن الأولاد الذي تربوا في مدينة غاليبولي: »إن أبناء غاليبولي أمضوا حياتهم في البحر كالتماسيح،وكانت أسرّتهم القوارب، وهدهدتهم البحر والسفن ليلاً ونهاراً.«
كان هذا الولد التركي، أيضاً، ينام وصوت أمواج البحر في أذنيه. لقد عاش بيري سبع سنوات من حياته في مدينته الأم، وقد تلقى بيري تعليمه الأولي عن العالم في البيت وممن حوله كبقية أبناء الأتراك في ذلك الوقت، وكذلك التعليم الابتدائي الذي ناله. وعقب بلوغه الثانية عشرة من عمره التحق بطاقم عمه كمال رئيس. لم يعد ذلك الشاب التركي بعد ذلك مجهولاً غير معروف، بل أصبح ذلك المراقب ذا اهتمام مرهف، وبطل البحار الذي سيذكر اسمه التاريخ.
بدأ بيري عمله تحت إشراف عمه كمال. وقد اشترك في كل أنواع العمليات البحرية على هذا النحو لفترة 14 سنة دون انقطاع، ويمكننا متابعة سيرة حياته في هذه الفترة من خلال كتابه »البحرية« الذي سطر فيه تجاربه والأماكن التي زارها مع عمه والأحداث التاريخية في ذلك الوقت بأسلوب خصب وجميل.
أمضى كمال رئيس السنوات الأربع عشرة الأولى من حياته البحرية قرصاناً، كما اقتضت العادات في ذلك الوقت. وعندما أصبح كمال قوة ذات اعتبار في البحر، من خلال جهوده الشخصية، حظي على اعتراف ومكانة رسمية من الحكومة العثمانية ولطاقمه القيم صاحب الخبرة.
هناك عدة مصادر تشير إلى أن بيري كان مع كمال قبل عام 1494م[4]. في الوقت الذي كان فيه مسلمو غرناطة يطلبون العون من الحكومات التونسية والمصرية والعثمانية، وذلك في عام 1494م، كان كمال رئيس يعيش حياة القرصنة وكان يستخدم سفنه لنقل هؤلاء المسلمين إلى إفريقية. وفي خلال الفترة ما بين 1487 إلى 1493م شارك بيري في عمليات متعددة في هذه البحار تحت إشراف عمه كمال.
يدلي بيري بمعلومات عجيبة ومثيرة تسترعي الانتباه عن الساحل الغربي للبحر الأبيض المتوسط وجزره. ويردف قائلا عن جزيرة مينورقة إحدى جزر البليار[5] فيقول: »يطلق الناس على ذلك الميناء اسم بورتولانو Portolano، فيه مرفئ جيد. ولدى مغادرة المرفأ باتجاه الشمال على الساحل الشرقي [للجزيرة] تجد عينا طبيعية تنبع من تحت شجرة تين، وستقابل بالتأكيد على مشارف العين سفناً عربياً أو تركية لأنها تتزود بالماء من هنا. وعلى مسافة من هذه العين توجد قلعة..« (كتاب البحرية: ص532).
حارب كمال رئيس وطاقمه البحري خلال فترة ست سنوات القراصنة المتواجدين حول العديد من جزر وسواحل البحر المتوسط الذين كانوا يستولون على السفن، وكان هؤلاء يقضون الشتاء في مرافئهم المفضلة إذا كان الطقس سيئا.
قضى كمال رئيس فترة طويلة على طول الساحل الأفريقي في الجزائر وتونس وبونة، [6] وكوّن علاقات حميمة مع السكان هناك حيث كانوا يستقبلونه بحرارة (البحرية، المقدمة) خلال قضائه شهور الشتاء في ميناء بونة (1490-1491م)وقد شارك البحارة في معركة خاضوها بقيادة كمال رئيس ضد صقلية وسردينيا وكورسيكا.
ذكر بيري إحدى هذه المعارك فقال: ».. هناك بعض الأماكن الضحلة على طول شاطئ رزرينو Resereno المذكور آنفاً؛ وتيرانوفا Terranova عبارة عن حصن في أرض منخفضة. ومعنى تيرانوفا في صقلية هي: البلدة الحديثة. و الجانب من هذه البلدة عبارة عن شاطئ، وهو منتجع جيد في الصيف، والسفن ترسو فيه على بعد ثلاثة إلى أربعة أميال من الشاطئ تجاه الحصن.استولينا في المرسى المذكور على ثلاث سفن هذه المرة«. (البحرية ص 493)، وهكذا كان كل حادث يسجل بتاريخه الصحيح.
أما بالنسبة لجزيرة كورسيكا فإن بيري قد كتب فصلاً عنها في (البحرية ص 523-529) وأضاف إليه خريطة عن الجزيرة وشروحات مفصلة موضحة أن محيط الجزيرة يبلغ 400 ميل. قال بيري: » في هذه الجزيرة جبال شاهقة تتجه من الشمال إلى الجنوب. وقد بلغ عدد القمم التي عددناها 25 قمة من هذه الجبال حتى الآن وذلك في الجهة الشرقية منها. و تبدو هذه القمم وكأنها أسنان المنشار. وكل قمة منها مغطاة بالثلوج طوال السنة.« (البحرية ص 524).
وقال عن السكان: »إن جزيرة كورسيكا المذكورة آنفاً كانت تحت حماية الجنوبيين، إلا أنه عندما احتل الفرنسيون جنوة أصبحت كورسيكا – مع بلاد أخرى – ضمن الممتلكات الفرنسية.«
في الوقت الذي يتحدث عنه بيري كان السلطان بايزيد الثاني بن محمد الثاني الفاتح سلطانَ العثمانيين، وبعد موت أخيه جني عام 1495م أضحى حاكماً للبلاد دون منافس.
وكي يكون الغزو أوسع كان بايزيد يحاول أن يدعم قوتيه البرية والبحرية، ولذا جعل رايته وحدات مختلفة من سفن القراصنة العثمانيين. لقد دعا بايزيد كمال رئيس ليشارك في الأسطول الرسمي، وكذلك فعل مع بيري رئيس وقره حسن ليساعداه. كان كل هؤلاء ذوي خبرة وتدريب و معرفة جيدة بالبحار. وقد شارك بيري رئيس مع قوات كهذه في عمليات البحر المتوسط وتحت إشراف كمال رئيس.
جرت باكورة أعمال بيري بالنسبة للعمليات البحرية ما بين عامي 1499 و1500م، وكان كمال رئيساً لأركان البحرية لأسطول التابعية الأميرية العليا للقوات البحرية كلها. وقد منح بيري الإمارة الرسمية على بعض السفن في هذا الأسطول، و كانت خدمته في المعارك ضد البنادقة واضحة وذلك ما بين عامي 1500 و 1502م.
إن الفوائد التي جنتها الدولة العثمانية من معاهدة البندقية عام 1502م تحققت إثر الأعمال البطولية لهؤلاء البحارة.
بقي بيري بعد ذلك يعمل أمير بحر في الأسطول، و بعد موت عمه كمال في معركة بحرية فقد بيري سنده الكبير. ولأسباب غير معروفة لنا، لم يكن بيري مشاركاً في تلك المعركة. ولا ريب إن حزن بيري كان شديدا لموت عمه، فالخبرة والمعرفة اللتان نالهما بيري من خبرة عمه المتنامية خلال حياته في البحر قد ضمنتا له الشهرة والمكانة. وبعد موت عمه ترك بيري البحر وبدأ يعمل على أول خارطة للعالم وذلك في غاليبولي، والجزء الذي بأيدينا هو من تلك الخارطة. وسجل بيري في هذه الخارطة ملاحظاته عن كتابه البحرية والذي أصبح فيما بعد دليلاً للملاحة.
خلال فترة 1516-1517م كلف بيري بقيادة عدة سفن كان لها دور في الحملة ضد (المماليك) في مصر. وتحت إمارة جعفر بيك انطلق الأسطول إلى الإسكندرية، وأبحر بيري بجزء من هذا الأسطول إلى القاهرة عن طريق نهر النيل ورسم بعد ذلك خارطة عن هذه المنطقة، وسجل معلومات مفصلة عنها.
وبعد أن ضمت الدولة العثمانية المتوسعة مصر إليها سنحت الفرصة لبيري ليتعرف شخصياً على السلطان سليم الثاني (ياووز) وذلك أثناء معركة الإسكندرية، وقد عرض الخريطة التي رسمها من قبل على السلطان. وبعد الحملة المصرية وخلال فتره استجمامه في غاليبولي وضع بيري ملاحظاته عن الملاحة ضمن كتاب.
كان حكم سليمان القانوني، الذي تربع على العرش سنة 1520م، عبارة عن تاريخ لانتصارات متتابعة، وكان يعتبر اشتراك بيري في الحملة على جزيرة رودس مع الأسطول العثماني أمراً طبيعياً. وفي كتابه البحرية (ص 549-552) يذكر بيري قرار السلطان سليمان له ليعمل مستشاراً لبرغال إبراهيم باشا الصدر الأعظم.
بعد الحملة على مصر علم إبراهيم باشا عن أهمية كتاب البحرية، فشجع بيري أن يضع ملاحظاته على شكل كتاب وينسخه ثانية. وقد ذكر بيري هذا الموضوع في نهاية الكتاب. وبسبب عاصفة بحرية لم يستطيعوا أن يتابعوا طريقهم واضطروا أن يلتجئوا إلى رودس، وكانت هذه فرصة بالنسبة لبيري للتعرف أكثر على إبراهيم باشا.
وبتشجيع من الباشا إبراهيم، كما ذكرنا، أعاد بيري ترتيب كتابه ونسخه ثم قدمه للسلطان بمساعدة إبراهيم باشا. وكان تاريخ الكتاب عام 923هـ.
ذكر بيري مقدمة كتابه ذكر بيري حسن استقبال السلطان له، وفيما بعد رسم بيري خارطة أخرى للسلطان وقدمها له.
نستطيع من خلال كتابه أن نتعرف على حياته إلى عام 1526م، وما بعد هذا التاريخ يتبين من الوثائق الرسمية للدولة أنه قد عين أميراً للسفن في البحار الجنوبية.
قدم بيري خدمات عديدة للدولة العثمانية في المحيط الهندي والبحر الأحمر وبحر العرب، وقد تقدمت به السن وهو مازال يعمل بالسفن. ومع أن بيري كان لا محال من رحيله من الدنيا، فإنه ترك خلفه عملاً خالداً وخدمات لا تنسى لعالم الحضارة.
وبهذا تنتهي ترجمة حياة بيري رئيس. إن معظم ما ذكرنا مأخوذ من مذكراته الشخصية عن تجاربه في الملاحة. وقد كان بيري من أعظم علماء عصره في الملاحة. فبالإضافة إلى لغته التركية كان يتحدث لغات عدة مثل اليونانية والإيطالية والإسبانية وحتى البرتغالية، وكان يرجع إلى الأعمال التي دونت بتلك اللغات لرسم خريطته للعالم.
مات بيري عام 1554م عن عمر يناهز 84 عاماً.
http://www.fustat.com/geog/piri.shtml
الجزء الثاني
إعداد: عبد الرحمن كيلاني
ذكرنا في الحلقة السابقة عن بيري رئيس (رحمه الله): حياته وأعماله، وفي هذه الحلقة سنتعرض ما كتبه على طرف خريطته للعالم.
رسم بيري رئيس خريطة العالم عام 1513م بما فيها القارة الأمريكية المكتشفة في وقته، ولكن للأسف الشديد لم يبق من تلك الخريطة سوى الجزء الذي يحوي المحيط الأطلسي وطرفيه الشرقي والغربي. لكن هذا الجزء المتبقى من الخريطة أثار ضجة بين العلماء، فقد ذكر بيري معلومات لم يذكرها أحد ممن زار تلك المناطق الجديدة في ذلك الوقت.
وقد ترجمتُ هنا (عن الإنجليزية) ما قد كتبه بيري على طرف خريطة أمريكا الجنوبية وقد أشرت إلى النص على الخريطة وحصرته في مربع أحمر، مع العلم أن النص العثماني غير متوفر لدي الآن. وما كان بين معقوفتين فهو من وضعي زيادة للتوضيح.
ونتمنى من بعض العلماء العرب المتخصصين في تاريخ الاكتشافات الحديثة أن يكتبوا عن حياة وتجربة وأعمال هذا الرجل العظيم الذي خدم دينه وأمته وقدم للحضارة العالمية تراثاً خالداً.
يقول بيري رئيس رحمه الله:
(هذه الفقرة تتحدث عن كيقية اكتشاف هذه السواحل والجزر.
هذه السواحل تسمى سواحل الآنتيل (آنتيليا)، وقد اكتشفت في سنة 896 هـ. وقصتها على النحو التالي:
كان هناك رجل جنوي يدعى كولومبو هو الذي اكتشف هذه الأماكن. وقد وقع كتاب في يد هذا المدعو كولومبو مذكور فيه أن في نهاية البحر الغربي [الأطلسي] يعني في الناحية الغربية منه، يوجد سواحل وجزر فيها كل أنواع المعادن والأحجار الكريمة.
وكولومبو هذا كان قد درس هذا الكتاب بدقة، وقد حدث الكبار من أهل جنوة بهذه الأمور قائلاً لهم: »تعالوا، أعطوني سفينتين ودعوني أذهب لأجد هذه الأماكن.« فقالوا: »يا للرجل الخاسر! وهل توجد نهاية للبحر الغربي؟ فبخاره كله ظلمات.« وأيقن كولومبو أنه لن تأتيه أية مساعدة من هؤلاء الجنويين.
بعدها انطلق كولومبو مسرعاً إلى ملك إسبانيا وأخبره قصته بالتفصيل، ولكن هؤلاء [الإسبان] أيضاً أخبروه مثل خبر الجنويين. وباختصار فقد ألح كولومبو على هؤلاء [الإسبان] كثيراً، فأعطاه ملك إسبانيا سفينتين مجهزتين بشكل جيد، وقال له: »يا كولومبو، إذا كان الأمر كما تدعي فسنجعلك أميراً لتلك البلاد.«
وكان للغازي كمال [رئيس] عبد إسباني وقد ذكر مرة لكمال رئيس أنه ذهب مع كولومبو إلى تلك البلاد ثلاث مرات. وقال له: »وصلنا أولاً إلى جبل طارق، ومن هناك أبحرنا جنوباً وغرباً ما بين [.. هنا يوجد كلام غير مفهوم في المخطوطة..] وبعد إبحارنا مسافة 4000 ميل رأينا جزيرة أمامنا، ولكن تدريجياً أصبحت أمواج البحر بلا زبد، يعني أن البحر أصبح هادئاً، وحتى نجم القطب الشمالي بقي يقرأ بوصلات البحارة حتى اختفى شيئاً فشيئاً ثم أصبح لا يرى.« وذكر أيضاً: »إن شكل ترتيب الجوم في تلك المناطق يختلف عما هو عليه هنا، ويبدو أنها منسقة بشكل مختلف.« [ويستأنف قائلاً]: »إنهم أرفؤا في الجزيرة التي رأوها من قبل خلال الطريق. وقد جاءهم سكان الجزيرة ورموهم بالنبال ولم يسمحوا لهم بالإرساء وطلبوا منهم معلومات. لقد رماهم بالنبال كلا الجنسين الرجال والنساء، وكانت رؤوس هذه النبال مصنوعة من عظام الأسماك. وكل هؤلاء السكان كانوا يخرجون عراة و [.. كلام غير مفهوم في الأصل..] جداً أيضاً. وبالتالي لم يستطع [كولومبو وأصحابه] أن ينزلوا إلى تلك الجزيرة، ولكن عبروا إلى الجهة الثانية منها، ولقد رأوا زورقاً، وفي الحال هرب ذلك الزورق وتفرق من كان فيه على اليابسة.
أخذ الإسبان الزورق فوجدوا فيه لحم بشر،وقد ظهر أن هؤلاء الناس كانوا من الأمة التي تذهب من جزيرة إلى أخرى تصطاد البشر وتأكلهم. ويقول [العبد الإسباني] أيضاً أن كولومبو رأى بعدُ جزيرة أخرى، فاقتربوا منها، وذكروا أنهم رأوا فيها أفاعٍ ضخمة. وقد أعرضوا عن النزول إلى تلك الجزيرة وبقوا هناك [في سفنهم] لمدة 17 يوماً. وعندما رأى أهل الجزيرة أنهم لا يأتيهم أذى من ذلك القارب [قارب كولومبو] اصطادوا سمكة وأحضروها لهم. لقد شعر الإسبان بالسرور وأعطوا هؤلاء القوم خرزات من زجاج. [يقول بيري]: ويبدو أن كولومبو قد قرأ في الكتاب أن الخرز الزجاجي ذو قيمة في هذه المنطقة. وذات يوم رأى كولومبو وأصحابه ذهباً يحلق معصم امرأة [من أهل الجزيرة] فأخذوا [منها] الذهب وأعطوها الخرز، وطلبوا منهم أن يأتوا بمزيد من الذهب وسوف يأتوهم بمزيد من الخزر. فذهب القوم وأحضروا مزيداً من الذهب. يبدو أن في جبالهم مناجم ذهب. وفي يوم آخر رآى [كولومبو ورجاله] لؤلؤاً في أيدي رجل، فأعطوه خرزاً وسألوهم أن يأتوا بمزيد من اللؤلؤ. يوجد اللؤلؤ على شواطئ هذه الجزيرة في موقع على عمق قامة أو قامتين.
[وفي طريق عودته] حمل كولومبو في تلك السنة على متن سفينته إلى ملك إسبانيا اثنين من السكان الأصليين مع كثير من جذوع الشجر.
وبما أن كولومبو لا يعرف لغة هؤلاء القوم فقد كان يتكلم معهم بالإشارة. وبعد هذه الرحلة الأولى أرسل ملك إسبانيا إلى [أهل الجزيرة المكتشفة] شعيراً وقسيسين علّموا أهل هذه الناحية كيف يزرعون ويحصدون وحولوهم إلى دينهم [الكاثوليكي]. لم يكن [لهؤلاء القوم] أي دين من أي نوع. كانوا يمشون عراة، ويبيتون هنا كالدواب.
والآن أصبحت هذه الأماكن مفتوحة ومشهورة للجميع، وإن أسماء الأماكن هنا التي تعرف بها في تلك الجزيرة هي الأسماء التي أطلقها عليها كولومبو، [مع العلم] أن كولومبو كان أيضاً فلكياً عظيماً.
إن السواحل والجزر الموجودة في هذه الخريطة [يقصد خريطته] مقتبسة من خريطة كولومبو.) انتهى كلام بيري رئيس رحمه الله.
ذكرى سقوط الخلافة العثمانية .. إمبراطورية دان لها العالم وخذلها السلاطين
مارس 24, 2009 في 12:07 م (أقرؤا التاريخ فإن فيه العبر)
إمبراطورية دان لها العالم وخذلها السلاطين

مرت بالأمس ذكرى انتهاء الخلافة العثمانية التي استمرت على مدى 625 عاما، وهى إمبراطورية إسلامية أسسها عثمان الأول .
بدأت الدولة العثمانية بإمارة صغيرة في آسيا الصغرى محصورة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود تأسست على يد آل عثمان الذين حولوها إلى إمبراطورية عظمى توسعت في قارة أوروبا لتشمل البلاد العربية إلا المغرب الأقصى وعلى يدهم تجددت الخلافة، امتدت منذ عام 1299 حتى عام 1924 وهو تاريخ سقوط الخلافة الإسلامية.
وكان آخر سلاطينها هو السلطان عبد المجيد الذي ظل على رأس الإمبراطورية لعامين فقط وكان قد انتخب للخلافة بواسطة الجمعية الوطنية التركية فى أنقرة، واستقر فى اسطنبول ومنح لقب جنرال الجيش العثمانى، وبخلعه فى مثل هذا اليوم على يد مصطفى كمال أتاتورك يكون قد أسدل الستار على الدولة العثمانية.
ينتسب الأتراك العثمانيون إلى عشيرة قابي بتركستان، مؤسسها هو عثمان ابن أرطغرل المعروف بإسم عثمان الأول لذا عرف الأتراك باسم العثمانين وكان عثمان ابن أرطغرل قد جاء من تركستان إلى بلاد الأناضول طالبا مبايعته خليفة.
وعندما توفي أرطغول عام 680 هـ تولي عثمان خان ابنه قيادة شعبه فاستطاع فى سنة 1228 م فتح مدينة ملانجنون والتى سماها “قره جه حصار”، ثم توالت الفتوحات العثمانية بعد ذلك بأن استطاع أورخان ابن عثمان الاستيلاء على بروسه ثم أزميد ثم مدينة أزنيق سنة 1330م ، ولقد ارتبطت الفتوحات العثمانية فى البداية بالاتجاه نحو أوروبا وذلك عندما عبر سليمان بن أورخان مضيق الدردنيل سنة 1356 م ونزل شبه جزيرة جاليوبولي مؤسسا بذلك أول موطئ للعثمانيين
بأوروبا.
وعلى الرغم من توجه العثمانيون نحو غزو أوروبا إلا أن الدول الأوروبية الكبري فى ذلك الوقت ممثلة فى فرنسا وإنجلترا لم تستطع وقف الغزو العثماني لأوروبا عام 1356م وذلك بسبب تصارع القوى الأوربية آنذاك مع بعضها.
مؤسس الدولة العثمانية توسعات
بحلول عام 1400 ميلادي بعد أن فتح العثمانيون معظم الأراضي المحيطة اتجهت أنظارهم نحو القسطنطينية التي كانت عاصمة لبيزنطا ورمزا للمسيحيين، تم ضرب الحصار تحت حكم السلطان بايزيد و فشل هذا الحصار ولم تسقط القسطنطينية، أما الحصار الثاني فكان عام 1422 ميلادي تحت حكم السلطان مراد الثاني وفشل كذالك مثل سابقه وفي عام 1453 بدأ الحصار الثالث من طرف السلطان محمد الثاني لمدة شهرين وفي يوم 23 مايو 1453 تمكن الجيش العثماني من اقتحام المدينة وفتحها وسميت بـ “إسلام بول” أي مدينة الإسلام وهي حاليا المعروفة بإسطنبول وبسبب هذا الفتح لقب السلطان محمد الثاني بالفاتح أو محمد الفاتح.
وكان لفتح القسطنطينية نتائج أهمها: انتشار الإسلام في أوروبا، ظهور الإمبراطورية العثمانية كقوة عظمى إسلامية، ظهور سلاح المدفعية الذي اخترعه العثمانيون، واستيقاظ أوروبا من العصور الوسطى ودخولها عصر النهضة والصناعة.
لم يقتصر النفوذ العثماني على بلاد الأناضول وشرق أوروبا بل شملت الدول العربية والإسلامية و كان من أهداف العثمانيين توحيد العالم الإسلامي وإعلان الخلافة وحماية المسلمين من المخاطر المحيطة بهم وكذلك توسيع الدولة العثمانية.
فتم ضم بلاد الشام إلى الخلافة العثمانية عام 1516 في عهد السلطان سليم الأول بعد هزيمة المماليك في معركة برج دابق، ثم ضم مصر إلى الدولة العثمانية عام 1517 بعد هزيمة المماليك حيث أصبحت إيالة “ولاية” عثمانية.
وبعدها رغب العثمانيون في ضم الحجاز إلى سلطتهم باعتبارها موطن الأماكن المقدسة
“مكة والمدينة المنورة” حيث أعلن شريف مكة ولائه لهم بعد أن تم فتح مصر والشام وأصبحت الحجاز إيالة عثمانية وتنازل الخليفة لهم بالخلافة وتم إعلان الخلافة العثمانية وتم نقل آثار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى إسطنبول. عام 1534 قام السلطان سليمان القانوني بضم العراق وتأمين الحدود الشرقية للدولة الإسلامية.
تاج عثماني معروض في لندننظام الحكم
كان نظام الحكم في الدولة العثمانية يبدأ بالسلطان وهو أعلى سلطة في الدولة وله السلطة المطلقة في التحكم الإداري السياسي والعسكري في الدولة، وأول من حمل هذا المنصب كان عثمان ابن أرطغرل.
كان هناك أيضا الصدر الأعظم وهو بمثابة رئيس الوزراء له سلطة في الديوان ومساعد
للسلطان، ثم الديوان وهو ما يعرف الآن بمجلس الوزراء.
وقسمت الدولة العثمانية إلى ولايات تتميز بحكم ذاتي يرأس كل منها حاكم يدعى الباشا مهمته جمع الضرائب والمحافظة على الأمن وتجديد الجيش.
أما الجيش العثماني فكان قويا ومقسم لثلاثة قوات هي: فرقة السباهين “الفرسان” وهم أقوى الجنود، الجيش الإنكشاري وهو الجيش العادي والرسمي للدولة، يشارك في الفتوحات والحراسة، والأسطول وهو الجيش البحري للدولة كان يسيطر على البحر الأبيض المتوسط، وبفضل هذا الأسطول كانت الدولة العثمانية الأقوى عالميا.
الملك جوزيف الثاني من المتآمرين على العثمانيينتصحيح التاريخ
عن الدولة العثمانية كتب أحمد بهجت في عموده “صندوق الدنيا” بصحيفة “الأهرام المصرية” يقول:
كثيرة هي الأكاذيب التي دست لنا في كتب التاريخ وتعلمناها على أنها وقائع صحيحة, ولعل أكثر هذه الأكاذيب سطوعا كان أكذوبة الدولة العثمانية, لقد تعلمنا جميعا في المدارس الثانوية أن السلطان سليم حين فتح مصر شحن العلماء والصنايعية حتى تخلفت مصر عقليا وتوقفت فيها50 صنعة.
أيضا شاع أن فترة الحكم التركي كان أسود فترات الحكم في العالم, فقد منع الأتراك اتصال الدول التي فتحوها بالسيف بأوروبا ومن ثم ساهموا في عزلتها وتخلفها, وقد استقرت هذه الوقائع في وجداننا حتي نشأنا جميعا على اعتبار أن الدولة العثمانية كانت شرا بحتا ليس فيه نقطة ضوء واحدة, وقد شاعت هذه الفكرة حتى قيض الله لها من يصححها وكان ذلك في كتاب “الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها” للدكتور عبد العزيز الشناوي.
وفي الكتاب نجد أن توسع العثمانيون في أوروبا جعل الثانية تندفع في الكثير من حملات التشهير بالدولة العثمانية .
وتحت عنوان “تصحيح التاريخ” يكتب بهجت: إن ترحيل هؤلاء العمال لم يستمر غير ثلاث سنوات, وبعد هذه السنوات الثلاث أصدر السلطان سليم فرمانا بعودة جميع العلماء والعمال إلى مصر حين علم أن خروجهم من مصر قد أضر بها.
وبرغم صدور هذا الفرمان السلطاني رفض المصريون العودة إلى بلادهم وفضلوا البقاء في اسطنبول, فقد طابت لهم الحياة هناك.
ولما أدرك السلطان سليم أن المصريين يرفضون مغادرة بلاده ويؤثرون الإقامة فيها على عودتهم إلى مصر, أصدر فرمانا لاحقا عام 1521 أمر فيه بشنق كل مصري يرفض العودة إلى مصر أو يتباطأ في العودة إليها. بعد هذا الفرمان عاد الجميع إلى مصر, واتخذت عودتهم شكل ظاهرة طرأت علي المجتمع المصري.
وقد سر المؤرخون المصريون مثل ابن إياس من هذا القرار ودعوا للسلطان بالنصر لأنه أجبر المصريين علي العودة إلى بلادهم. وقد عادت بعودة هؤلاء المصريين كل الصناعات التي توقفت برحيلهم.
أيضا اتهمت هذه الدولة بأنها فرضت العزلة علي البلاد التي فتحتها ومنعت انتقال المواطنين بين أجزاء الدولة, والصحيح هو العكس فقد أبيح الانتقال بين أجزاء الدولة المختلفة دون قيد أو شرط, كما عقد السلطان سليم معاهدة مع جمهورية البندقية لتشجيع البنادقة علي ممارسة نشاطهم في مصر.
كما أغفل المؤرخون ذكر الدور الذي لعبته الدولة العثمانية في صد البرتغاليين وصرفهم عن مخطط كان يستهدف مكة المكرمة لهدم الكعبة, وقد كانت أعظم خدمة أدتها الدولة العثمانية للإسلام أنها وقفت في وجه الزحف الصليبي الاستعماري البرتغالي للبحر الاحمر والأماكن الإسلامية المقدسة في أوائل القرن السادس عشر الميلادي.
الحروب العثمانية في الميزان
كان من ايجابيات الدولة العثمانية: توسيع رقعة الأرض الإسلامية، الوقوف في وجه الصليبيين على مختلف الجبهات، عمل العثمانيون على نشر الإسلام، وشجعوا على الدخول به.
إن دخول العثمانيين إلى بعض الأقطار الإسلامية قد حماها من بلاء الاستعمار الذي ابتلت به غيرها في حين أن المناطق التي لم يدخلوها قد وقعت فريسة للاستعمار باستثناء دولة المغرب .
كانت للعثمانيين بعض الأعمال الجيدة تدل على صدق عاطفتهم وإخلاصهم مثل إعفاء طلبة العلم الشرعي من الجندية الإلزامية، وكذلك إصدار المجلة الشرعية التي تضم فتاوى العلماء في القضايا كافة، بالإضافة إلى احترام العلماء وانقياد الخلفاء للشرع والجهاد به وإكرام أهل القرآن وخدمة الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى.
أيضا العثمانيون هم الذين أزالوا من خريطة العالم أعتى أمبراطورية صليبية. هى الأمبراطورية البيزنطية، وفتحوا عاصمتها عام 857 هـ.
ومع ذلك لم تسلم الدولة العثمانية من أخطاء فادحة، كانت سببًا في زوال الدولة ومن هذه الأخطاء:
التخلف العلمي حيث جاء العثمانيون إلى بلاد الأناضول بدواً ولم يتحضروا بل شغلتهم الحروب ولم ينصرفوا إلى العلم بسبب الانشغال بالفتوحات والحروب المستمرة في كل الجبهات.
أيضا الحركات الانفصالية والتمردات المحلية: فنتيجة للتفوق الصليبي قامت أوروبا بحبك المؤامرات ضد المسلمين، وأصبح سفراء الدول الغربية يتدخلون في الشئون الداخلية والسياسية الخارجية للدولة، أما في جهات الشرق فكان خصوم العثمانيين التقليديين يشعلون الثورات بين الحين والآخر، ولعل أهم الحركات الانفصالية التي أضعفت الدولة كانت حركة محمد علي باشا في مصر.
بالإضافة إلى الإمتيازات التي كانت تمنح لدول أجنبية جعلتها شبة شريكة معها في حكم البلاد، وساعدت على إشعال بؤر الفتن وأربكت الدولة وشغلتها عهوداً طويلة واتخذت ذريعة لتدخل الدول بحجة حماية الرعايا وبالتالي الاحتلال والعدوان.
كان من عوامل الضعف أيضا الغرور الذي أصاب سلاطين بني عثمان، بالإضافة إلى الجيش الإنكشاري وهو الجيش الذي أنشأه السلطان أورخان باختيار أفراده من أبناء البلاد الأوروبية المفتوحة وتلقينهم مبادئ الدين الإسلامي ووضعهم في ثكنات عسكرية خاصة وتدريبهم على فنون الحرب والقتال.
ولقد أبلى ذلك الجيش بلاء حسنا في كافة المعارك التي خاضها العثمانيون، ومع مرور الزمن بدأ الوهن يتسرب إلى صفوفهم، وتعلقت أفئدتهم بشهوة السلطة، ونظروا إلى العطايا السلطانية، فأثاروا الاضطرابات يريدون الحروب ليواصلوا نهب البلاد المفتوحة.
وخلع الانكشارية السلاطين مصطفى الثاني، أحمد الثالث، مصطفى الرابع، إلى أن قيض الله للسلطان محمود الثاني عام 1241 هـ . التخلص منهم فقد هيأ لذلك وسلط عليهم المدفعية فدمرتهم وانتهى أمرهم .
أيضا من سلبيات الدولة العثمانية احتجاب السلاطين وعدم ممارستهم السلطة بأنفسهم والاتكال على وزراء جهال. كما أن زواج السلاطين بالأجنبيات أدى إلى ضعف الدولة العثمانية، وتعدد الزوجات والمحظيات مما أدى إلى تفكك روابط الأسرة السلطانية بسبب كثرة النساء حتى أصبحت عادة قتل السلطان إخوانه أو أولاده، يوم يتولى العرش، أمراً معروفاً ومألوفاً، وانتشرت عادة قتل السلاطين لأبنائهم وإخوانهم الذي تحول على يد محمد الفاتح إلى قانون ثابت، ومفاد هذا القانون الإجازة للسلطان المتولي للعرش أن يقدم على تصفية الأمراء المنافسين وذلك بالاتفاق مع هيئة العلماء، وهذه سياسة قوامها تغليب المصلحة السياسية العليا للدولة المتمثلة بحفظ وحدة كيانها السياسي، وبعد قرن من الزمان جرى استبداله بقانون آخر قضى بالتخلي عن سياسة التصفية الجسدية والاكتفاء بسياسة سجن جميع الأمراء في مقاصير خاصة ومنعهم من كل اتصال بالعالم الخارجي.
أيضا خيانة الوزراء أسهمت في ضعف الدولة العثمانية إذ أن كثيرًا من الأجانب كانوا يتظاهرون بالإسلام ويدخلون في خدمة السلطان ويرتقون بالدسائس والتجسس حتى يصلون إلى أعلى المراتب، وكذلك وصل هذا الحال إلى المؤسسات الدينية، ففي مطلع القرن الثامن عشر 1703 م حصلت انتفاضة شعبية في اسطانبول ضد شيخ الإسلام لاحتكاره الوظائف العليا لعائلته وقد أدّت الانتفاضة إلى عزل شيخ الإسلام ومن ثم إعدامه، فتسرب الفساد إلى طبقة العلماء، حيث كانوا يأتون في الرتبة الثانية في الدولة بعد السلطان وكان القضاء لا يسير إلا بالرشوة.
بالإضافة إلى تبذير الملوك حتى بلغت نفقات القصور الملكية في بعض الأحيان ثلث واردات الدولة، مما أدى إلى تفاقم مشكلة الديون التي أقرضتها الدول الأوروبية للدولة العثمانية بسبب كثرة الانفاقات على الإصلاحيات. وفائدتها التي أصبحت أضخم من قيمة القروض.
مصطفى كمال أتاتوركنهاية الخلافة
كانت نهاية الخلافة حين قامت بعض الجمعيات بحركات ضد السلطان عبد الحميد، تحت أسماء مختلفة أهمها حركة تركيا الفتاة، وحركة حزب الاتحاد والترقي، الذي شمل بعض اليهود في عضويته وورط البلاد في حروب ونزاعات وأرغم قادته المسيطرون عليه الدولة على الانخراط في الحرب العالمية الأولى بعد أن قضوا على حكم عبد الحميد، وتبنوا الأفكار التي فرقت بين أبناء الدولة المسلمين.
ومع بداية القرن العشرين انتشرت جمعيات سرية كثيرة، وتمكنت هذه الجمعيات من الثورة وإسقاط السلطان عبد الحميد وكانت البداية من مصطفى كمال أتاتورك، الذي وقف يقول وهو يفتتح جلسة البرلمان التركي عام 1923م “نحن الآن في القرن العشرين لا نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون”!.
وفي عام 1923م أعلنت الجمعية الوطنية التركية قيام الجمهورية في تركيا، وانتخبت مصطفى كمال أتاتورك أول رئيس لها وفصل بذلك بين السلطة والخلافة، فاختير عبد المجيد بن السلطان عبد العزيز خليفة، بدلا من محمد السادس الذي غادر البلاد على بارجة بريطانية إلى مالطة، ولم يمارس السلطان عبد المجيد أي سلطات للحكم.
وفي عام 1924م ألغى مصطفى كمال الخلافة، وأخرج السلطان عبد المجيد من البلاد وأعلن دستورا جديدا لتركيا، وبدأ حكم كمال أتاتورك كرئيس للجمهورية التركية رسميا.
نقلا عن شبكة الاعلام العربي محيط http://www.moheet.com/show_news.aspx?nid=228980&pg=1
يوم سقطت الخلافة العثمانية
مارس 24, 2009 في 12:04 م (أقرؤا التاريخ فإن فيه العبر)


فلم يكن للمسلمين جنسية إلا هي ولا عرفوا دولاً قومية ولا انضووا تحت رايات جاهلية حتى احتلّ الغربيون معظم البلاد الإسلامية وعملوا على إزالة هذا الرمز الّذي يمثّل قوة المسلمين حتى في حالات الضعف التي آل إليها في القرون المتأخّرة
وحدث ما لم يكن يتصوّره مسلم، فقد تولّى مصطفى كمال مهمة إلغاء الخلافة ليتفرّغ لتغيير وجه تركيا جذريّاً حتّى لا تبقى لها صلة بالإسلام والعربية، فبدأ بإعلان أنقرة عاصمة للبلاد خلفا لإسطنبول بعد أن توّج نفسه رئيساً للجمهورية ثم اتخذ تدابير صارمةً لبلوغ غاياته فأعلن الحرب على التديّن وجعل مدار نشاطه توطيد أركان العلمانية وإعادة “الهوية التركية” للشعب وتخليصه من التأثير العربي، ففي 1925 فرض ارتداء القبعة للرجال بدل الطربوش كإجراء رمزي لتطليق العادات الإسلامية وتبني التحول إلى العادات الغربية، فعل هذا باسم الديمقراطية التي تحترم الحياة الخاصة والاختيارات الشخصية فلا تتدخل فيها، لكنه كان يرفع شعارها ليغطي على نزعته الاستبدادية التي تغذيها عداوته الشرسة لدين الله ولغة القرآن حتّى إنه منع الحجاب وكل الملابس التقليدية على الرجال والنساء، وقد “سمح” برفع الأذان في المساجد لكن باللغة التركية ، وكم كان يتضايق من لفظ الشهادتين لأن فيهما تعظيماً للرسول صلى الله عليه وسلّم وقد كان يرى أنه أجدر بالذكر منه.
وحوّل مسجد آية صوفيا في إسطنبول إلى متحف وأعاد الحياة لماضي تركيا ما قبل الإسلام وألغى التاريخ الهجري ليعتمد التاريخ الميلادي كما اعتمد الحروف اللاتينية لكتابة اللغة التركية بدل الحروف العربية، وغيّر العطلة الأسبوعية من الجمعة إلى الأحد وألغى كل الضوابط الشرعية المتعلقة بالمرأة لتتساوى مع الرجل تماما من غير اعتبار للفوارق الطبيعية بين الجنسين كل هذا ليخرج تركيا _ بزعمه _ من الظلمات إلى النور، ولا نور عنده إلا بإلغاء الشخصية الإسلامية والذوبان في الحضارة الغربية واعتمادها بخيرها وشرها وحلوها ومرّها ما يحمد منها وما يعاب !!! ولذلك أقدم على أخطر إجراءاته على الإطلاق وهو إلغاء أحكام الشريعة الإسلامية وتبنّي القوانين الوضعية ففرض القانون المدني السويسري والقانون الجنائي الإيطالي والقانون التجاري الألماني، فاحتكم المسلمون لأول مرّة في تاريخهم إلى قوانين غير ربانية بل وضعية وأجنبية .
وقد اعتمد مصطفى كمال في حملته الشرسة لمحو آثار الإسلام والعربية على سياسة قمعيّة وحشية استهدفت علماء الدين بالدرجة الأولى وطالت كل من اعترض على توجّهاته فكان التقتيل والسجن والتشريد إلى جانب السخرية الرسمية بمظاهر التديّن كلّها وانتهاك أبسط الحريات الشخصية، كلّ هذا باسم الديمقراطية، وأغرب من هذا أن الغربيين وأتباعهم في البلاد العربية مازالوا يمتدحون مصطفى كمال باعتباره مستنيراً أخرج تركيا من ظلمات القرون الوسطى وأدخلها أنوار الحضارة والازدهار ويعددون “مآثره” العظيمة وعلى رأسها النظام العلماني المعادي للدين (وليس الفاصل بين الدولة والدين فقط كما كان في الغرب) و”تحرير المرأة” من قيود الشريعة، وهم يعلمون أنه كان مستبدّاً طاغيّةً لم يفوضه الشعب لمعاداة الإسلام ولا لتغيير وجهة البلاد كما لم يحترم رأياً مخالفاً أي أنه لم تكن له علاقة بالديمقراطية في قليل لا كثير.
وبعد أن ألغى الخلافة وضيّق على المسلمين في عباداتهم وشعائرهم وقطع صلة تركيا بماضيها الإسلامي وحوّلها إلى دوّيلة فقيرة ضعيفة تخطب ود الغرب وتعتمد على اليهود، وبعد أن وضع البلاد تحت سيطرة العسكر وجعل من العلمانية ديناً بديلاً عن الإسلام و عيّن مؤيديه في جميع مفاصل الدولة وظنّ أنه قد قضى على الإسلام نهائيّاً مات مصطفى كمال يوم 10.11.1938 بمرض أصاب كبده بسبب إسرافه في تناول الخمر، مات من سماه أتباعه (وليس الشعب التركي كما يوهم بذلك بعض المؤرخين والكتاب) أتاترك أي أبو الأتراك وقد أحيا القومية الطورانية وغالى فيها أشدّ المغالاة لتحلّ محلّ الانتماء العقدي لتركيا.
هكذا سقطت الخلافة بعد أن عمّرت 1292 سنةً فانفرط عقد الأمّة وتهدّدها الضياع لكن الأمل في عودة الخلافة لم يبرح المسلمين، وها هي تركيا أخذت تعود إلى الإسلام. فهل هي بشرى بين يدي عودة الخلافة الإسلامية؟
___________
عبد العزيز كحيل
معركة أدخلت الرعب على أوروبا
مارس 24, 2009 في 12:01 م (أقرؤا التاريخ فإن فيه العبر)
ولم يبق من ملوك أوربا خارج سيطرته وقبضته سوى إنجلترا، وفرنسا التي عزم ملكها على منازلة خصمه الإمبراطور شارل كوينت مهما كلفه الأمر، لكنه لم يقو على الصمود فخسر معه معركته، وسيق ذليلاً إلى مدريد حيث سجن في أحد قصورها، غير أن أم الملك الأسير “لويز سافوا” أرسلت إلى السلطان سليمان القانوني ترجوه تخليص ابنها من الأسر، فوجد السلطان في ذلك فرصة للانقضاض على شارل كوينت بعد أن صار معه حليف من الغرب الأوروبي، وامتلك مسوغًا للتحرك باسم الملف الفرنسي بصورة شرعية.
وكان ذلك أملاً يراود نفس السلطان لإعادة إسبانيا إلى سابق عهدها دولاً متفرقة لا دولة واحدة تهدد دولته، وكان السلطان قد عهد إلى خير الدين باربروسا بمهمة منازلة إسبانيا في البحر المتوسط ودفع خطرها فكفاه ذلك، وترك لنفسه مهمة منازلة إسبانيا في وسط أوروبا، وكان ينتظر الفرصة المناسبة للقيام بدوره، وما كادت تستنجد به أم الملك الفرنسي حتى استعد لتحقيق ما كان يصبو إليه.
ظروف مناسبة للحملة
ولما أفرج شارل كوينت عن الملك الفرنسي بعد شروط صعبة أجبره على قبولها في معاهدة مدريد في (29 من ربيع الأول 932هـ = 14 من يناير 1526م)، عمد الملك الفرنسي إلى تقوية روابطه مع السلطان العثماني، وألح في طلب العون والمساعدة؛ لأن قواته العسكرية لم تكن كافية لمجابهة الملك الإسباني الذي انفتحت جبهته لملاقاة خصوم أشداء، فكان عليه أن يواجه سليمان القانوني، وخير الدين باربروسا، وفرانسوا الأول ملك فرنسا، ومارتن لوثر الذي تفاقمت دعوته وازداد أتباعه، وانتشر مذهبه البروتستانتي، وتمزقت بسببه الوحدة الكاثوليكية، وعجز الملك الإسباني عن القضاء على دعوته بعد أن دانت أقطار كثيرة بمذهبه، وانفصلت عن نفوذ البابا في روما.
وهكذا تهيأت الظروف للسلطان العثماني للقيام بضربته وتقليص نفوذ الملك الإسباني في المجر، وكانت إسبانيا أكبر كثيرًا مما هي عليه الآن؛ إذ كانت تتكون من اتحاد المجر وتشيكوسلوفاكيا السابقة، بالإضافة إلى الأقطار الشمالية ليوغسلافيا، مثل: سلوفينيا، وترانسلفانيا التي هي الآن تابعة لرومانيا.
حملة سليمان القانوني
سار السلطان سليمان من إستانبول في (11 من رجب 932هـ= 23 من إبريل 1526م) على رأس جيشه، الذي كان مؤلفًا من نحو مائة ألف جندي، وثلاثمائة مدفع وثمانمائة سفينة، حتى بلغ “بلجراد”، ثم تمكن من عبور نهر الطونة بسهولة ويسر بفضل الجسور الكبيرة التي تم تشييدها، وبعد أن افتتح الجيش العثماني عدة قلاع حربية على نهر الطونة وصل إلى “وادي موهاكس” بعد 128 يومًا من خروج الحملة، قاطعًا 1000 كيلو من السير، وهذا الوادي يقع الآن جنوبي بلاد المجر على مسافة 185 كم شمال غربي بلجراد، و170 كم جنوبي بودابست. وكان في انتظاره الجيش المجري البالغ نحو مائتي ألف جندي، من بينهم 38000 من الوحدات المساعدة التي جاءت من ألمانيا، ويقود هذه الجموع الجرارة الملك “لايوش الثاني”.
اللقاء المرتقب
وفي صباح يوم اللقاء الموافق (21 من ذي القعدة 932هـ= 29 من أغسطس 1526م) دخل السلطان سليمان بين صفوف الجند بعد صلاة الفجر، وخطب فيهم خطبة حماسية بليغة، وحثهم على الصبر والثبات، ثم دخل بين صفوف فيلق الصاعقة وألقى فيهم كلمة حماسية استنهضت الهمم، وشحذت العزائم، وكان مما قاله لهم: “إن روح رسول الله صلى الله عليه وسلم تنظر إليكم”؛ فلم يتمالك الجند دموعهم التي انهمرت تأثرًا مما قاله السلطان.
وفي وقت العصر هجم المجريون على الجيش العثماني الذي اصطف على ثلاثة صفوف، وكان السلطان ومعه مدافعه الجبارة، وجنوده من الإنكشاريين في الصف الثالث، فلما هجم فرسان المجر وكانوا مشهورين بالبسالة والإقدام أمر السلطان صفوفه الأولى بالتقهقر حتى يندفع المجريون إلى الداخل، حتى إذا وصلوا قريبًا من المدافع، أمر السلطان بإطلاق نيرانها عليهم فحصدتهم حصدًا، واستمرت الحرب ساعة ونصف الساعة في نهايتها أصبح الجيش المجري في ذمة التاريخ، بعد أن غرق معظم جنوده في مستنقعات وادي موهاكس، ومعهم الملك لايوش الثاني وسبعة من الأساقفة، وجميع القادة الكبار، ووقع في الأسر خمسة وعشرون ألفًا، في حين كانت خسائر العثمانيين مائة وخمسين شهيدًا، وبضعة آلاف من الجرحى.
نتائج هذه المعركة
كانت معركة موهاكس من المعارك النادرة في التاريخ، حيث هُزم أحد أطرافها على هذا النحو من مصادمَة واحدة وفي وقت قليل لا يتجاوز ساعتين، وترتب عليها ضياع استقلال المجر بعد ضياع جيشها على هذه الصورة في هزيمة مروعة، وبعد اللقاء بيومين في (23 من ذي القعدة 932هـ= 31 من أغسطس 1526م) قام الجيش العثماني بعمل استعراض أمام السلطان سليمان، وقام بأداء التحية له وتهنئته، وقام القادة بدءًا من الصدر الأعظم بتقبيل يد السلطان.
ثم تحرك الجيش نحو الشمال بمحاذاة ساحل الطونة الغربي حتى بلغ بودابست عاصمة المجر، فدخلها في (3 من ذي الحجة 932هـ= 10 من سبتمبر 1526م)، وشاءت الأقدار أن يستقبل في هذه المدينة تهاني عيد الأضحى في سراي الملك، وكان قد احتفل بعيد الفطر في بلجراد في أثناء حملته الظافرة.
مكث السلطان في المدينة ثلاثة عشر يومًا ينظم شئونها، وعين جان “زابولي” أمير ترانسلفانيا ملكًا على المجر التي أصبحت تابعة للدولة العثمانية، وعاد السلطان إلى عاصمة بلاده بعد أن دخلت المجر للدولة العثمانية وتقلص نفوذ الملك الإسباني.